شهد نادي الشرقية الأدبي مساء الأحد الماضي أمسية لتأبين الكاتبة والروائية صفية عنبر التي رحلت في شهر رمضان المنصرم، وجاءت هذه الأمسية بمشاركة مع منتدى الأربعائيات الذي ترعاه الأديبة سارة الخثلان وأدارت الأمسية، التي شهدت العديد من مداخلات المقرّبين، الفنانة التشكيلية حميدة السنان. وقالت السنان في ورقتها « في شهر رمضان ودعنا مداد العطاء...ينبوع الكلمة.....ومعين البوح الزاخر....ودعنا صفية ...حيث اصطفاها الله ..» ، وأضافت « شعورها المتمثل في إبداعاتها وإصداراتها المتعددة لقبها بكاتبة البوح...ترنيمة صدق فاضت عن خاطر وحدس وجداني صاخب... لم تنفك عن قلمها يوما حتى آخر إصدار لها». وفي جانب من سيرة الراحلة قالت السنان « الروائية والكاتبة الرائدة صفية عبد الحميد عنبر، ابنة الراحل الأستاذ عبد الحميد عنبر، أول من أدخل الترجمة الى الصحافة السعودية، وأول من أسس ناديا أدبيا في المدينةالمنورة، اذ سمي حينها ب « نادي المحاضرات» مع ضياء الدين رجب وعبد الحميد القشندي وغيرهم، كما انه من مؤسسي صحيفة المدينة . وعن أثر زوجها عبد العزيز التركي الذي عمل ملحقاً ثقافياً للمملكة في لندن تقول السنان « يحضرني قولها -رحمها الله- : إن حياتها في لندن لما يقارب 30 عاما أثّرت في تجربتها أيما تأثير، لتزاوج بين ما تعيشه وما تربّت عليه «. وتناولت الأديبة سارة الخثلان في كلمتها جوانب إنسانية من سيرة الراحلة حيث تعرفت عليها من خلال منتدى الأربعائيات الثقافي وامتدت علاقتهما لأبعد وأعمق من علاقة ثقافية وعلى مدى سنوات طويلة قطعتها رحلات عنبر الكثيرة إلى الخارج برفقة زوجها. وأكّدت الخثلان أنّ صفية عنبر رائدة من رواد الكتابة في المملكة « على رغم النقاد الذين لا يكتبون إلا عن اللاتي يلاحقن أولئك النقاد الذين يملأون الصحف بإبداع لا يراه إلا نقادنا الأفذاذ !!!! صفية كتبت وأعطت وغيبت .. « وعن أسلوب الراحلة في الكتابة قالت الخثلان « كانت صفية أديبة بالسليقة لم تتصنع ولم يحملها أحد على مراكب الإعلام السريعة الموشاة بالإطراء المغرق التمويه . اتسمت بالبساطة والاسترسال في كتابة اجتماعية رومانسية بعيدة عن التعقيد والاتكاء على المصطلحات الغربية رغم اقامتها الطويلة في لندن». وتناول الكاتب محمد المعيبد في كلمته ريادة الراحلة في الكتابة الصحفية وقال « كان للسيدة صفية محاولات صحفية قبل ثلاثين عاما، وتعتبر من المبادرات في اقتحام الكتابة الصحفية بالرغم من العقبات الموضوعة في وجه المرأة في ذلك الزمان، فهي تحسب من المتجاوزات للخطوط المحددة للمرأة في مجال الصحافة الموسومة بالذكورية». وأضاف «كانت الصحافة في المنطقة الغربية أكثر رحابة في تقبل الفكر النسائي فاحتضنتها جرائد مثل عكاظ والمدينة، علما بأن بداياتها في الكتابة الصحفية لم تتجاوز الكتابات السائدة في ذلك الوقت ولكن كان الامر بالنسبة لها ريادة لتخطي المصاعب». وتحدث المعيبد عن جهود عنبر في كتابة الرواية « بالرغم من كل المحبطات أثمرت محاولاتها عن 8 إصدارات . وبيّن العبيد أن روايات عنبر جميعها تتمحور حول علاقة الرجل بالمرأة في أسلوب سهل وبعفوية تلقائية تنقل الحدث دون مؤثرات مجازية أو رمزية وتعتمد على السرد المباشر . كما شهدت الأمسية العديد من المداخلات من الجانبين الرجالي والنسائي منها مداخلة الحقوقية فوزية آل هاني التي ركّزت على أهمية التلاقي بين طاقات المجتمع قائلة « كم من المؤلم أن تكون بيننا هذه الإنسانة ولا نلتقي، كم سيصبح واقعنا مختلفاً لو تلاقت المواهب والقدرات واستطاع الجميع أن يعبّر عن ذاته». أما الشيخ عبد اللطيف العقيل فقد تناول طرفاً من سيرة زوج الراحلة الشيخ عبد العزيز التركي الذي كانت ترافقه عنبر في كل مكان في المملكة وخارجها. كما شهدت الأمسية عددا من كلمات الوفاء والشكر للراحلة وللنادي والمنتدى لإتاحتهم الفرصة لتكريمها قدّمها كل من الإعلامية والمترجمة تركية العمري والإعلامية فاطمة القحطاني التي أكدت على بصمة الراحلة الخاصة في الحركة الأدبية وعلى انفتاحها على جميع أطياف الوطن داعية إلى تكريم المبدعين في حياتهم. وداخلت الكاتبة وداد المنيع معربة عن أمنيتها في أن يكون للراحلة تكريم بدلاً من التأبين، وعبرت عن امتنانها للراحلة بشكل شخصي لأنها منحتها مساحة للكتابة. كما عبرت الناشطة ندى الزهيري عن أملها في أن يرسخ هذا المنتدى حظوظ التواصل بين المبدعين الحضور ويقلل من العزلة. وختمت المداخلات بكلمة لابن الراحلة المهندس خالد التركي عبر فيها عن شكره للقائمين على الأمسية التي اعتبرها تعويضا عن غياب وإهمال طويل حتى لخبر وفاتها، وسرد جانباً من علاقتها ودعمها لأبنائها.وقدمت السنان درعاً تذكارية لراعية منتدى الأربعائية الأديبة سارة الخثلان.