رجحّ تقرير اقتصادي، حدوث المزيد من التراجع في وتيرة النمو الاقتصادي في السعودية على أساس المقارنة السنوية خلال الربع الثالث من العام الجاري، نتيجة العوامل المرتبطة بالانخفاض الكبير في نمو إنتاج النفط، وتأثير العوامل الموسمية وخاصة على قطاعي التشييد والنقل، مشدداً على أن تفاقم المشاكل في منطقة اليورو خلال الربع الثالث والتباطؤ الواضح في الاقتصاد العالمي سيؤثران بشدة على الناتج الإجمالي الفعلي للسعودية. إلا أن التقرير الاقتصادي الذي أعدته دائرة الاقتصاد والبحوث في شركة جدوى للاستثمار، أبقى على توقعاته لنمو الناتج الإجمالي الفعلي للعام 2012 عند 5,2 بالمائة، وذلك في ظل متانة المعطيات المحلية من جهة والشكوك الكثيرة حول مستقبل الاقتصاد العالمي من جهة أخرى. النمو الذي سجله قطاع النقل والاتصالات والذي وصل إلى أكثر من 9 بالمائة، يعتبر متوقعاً في ظل العلاقة القوية بين قطاعي التشييد والنقل. وتوقع التقرير، أن يظل قطاع التشييد في المملكة أحد أسرع القطاعات نمواً خلال السنوات القليلة المقبلة بفضل المخصصات الحكومية الضخمة لتشييد عدد كبير من الوحدات السكنية، إلا أن التقرير توقع أن يسجل هذا القطاع تباطؤاً طفيفاً في الربع الثالث من العام الجاري تماشياً مع النمط الموسمي المعتاد خلال هذه الفترة، مضيفاً: «قطاع التشييد الذي نما بنسبة 9,3 بالمائة سجل أسرع معدلات النمو بين القطاعات العشرة، ويعود ذلك إلى الإنفاق الرأسمالي الحكومي وإلى ضخامة النشاط في تشييد مشاريع البنية التحتية وكذلك المباني التجارية والسكنية». وقد أكدت أحدث البيانات التي صدرت الأسبوع الماضي استمرار قوة أداء الاقتصاد السعودي في الربع الثاني للعام 2012، وإن كان بوتيرة أبطأ من الأرباع السابقة، حيث نما الاقتصاد بالقيمة الفعلية (وفقاً لحركة الأسعار) بنسبة 5,5 بالمائة في الربع الثاني مقارنة بمستواه في نفس الربع من العام 2011، فيما سجل القطاع الخاص غير النفطي أعلى معدل نمو سنوي في الربع الثاني، مدعوماً بالتوسع القوي في قطاعي التشييد والنقل والاتصالات وكذلك قوة الطلب المحلي. وجاء النمو السنوي في الربع الثاني عند 5,5 بالمائة متراجعاً عن مستوى النمو في الربع الأول الذي بلغ 5,9 بالمائة، وقد سجل نمو الناتج الإجمالي الفعلي في الربع الثاني أبطأ معدل نمو منذ البدء في نشر هذه البيانات عام 2010. ويعود معظم تراجع النمو إلى الأساس الذي تمت المقارنة به، حيث سجل الربع الثاني من العام الماضي نمواً قوياً بفضل الحوافز الحكومية قصيرة المدى. ورغم هذا التباطؤ في النمو، فقد سجلت خمسة من القطاعات العشرة تحسناً في الربع الثاني مقارنة بالربع الأول. وشددّ التقرير على أن النمو الذي سجله قطاع النقل والاتصالات والذي وصل إلى أكثر من 9 بالمائة، يعتبر متوقعاً في ظل العلاقة القوية بين قطاعي التشييد والنقل، مشيراً إلى أن النمو القوي في قطاعي التشييد والنقل يعود إلى الحاجة لترحيل بضائع ضخمة حول مختلف مناطق المملكة (الواردات ومواد البناء) والاستثمار المتواصل في مشاريع الخطوط الحديدية. وقال التقرير «حقق قطاع النفط الذي نما بنسبة 6 بالمائة في الربع الثاني ارتفاعاً قوياً مقارنة بمستواه قبل عام بينما سجل تراجعاً طفيفاً مقارنة بالربع الأول من العام الحالي، وقد تأثر ذلك النمو بزيادة حجم إنتاج النفط الذي ارتفع على أساس سنوي بنسبة 9 بالمائة في الربع الثاني لعام 2012. ورغم أن إنتاج النفط يعتبر المحرك الرئيسي للأداء في قطاع النفط، إلا أن التباين بين النمو في إنتاج النفط وقطاع النفط يثير الدهشة ليس فقط بالنسبة لبيانات هذا الربع بل كذلك في بيانات الأرباع السابقة». وتابع التقرير «بما أن النمو في إنتاج النفط سيتباطأ في الأرباع القادمة نتيجة لمستوى حجم الإنتاج الذي تتم المقارنة به كسبب رئيسي وكذلك بسبب انخفاض الإنتاج، فمن المتوقع أن يتضاءل مستوى الدعم الذي يقدمه قطاع النفط للناتج الإجمالي خلال الربعين القادمين». وبحسب التقرير فقد سجل النمو السنوي في قطاع تجارة الجملة والتجزئة وقطاع الخدمات الشخصية وقطاع خدمات المال نمواً أعلى خلال الربع الثاني مقارنة بالربع الأول من العام، حيث يعكس هذا التحسن زيادة الطلب المحلي، في حين تباطأت وتيرة نمو قطاع التصنيع للربع الثاني على التوالي، ومع ذلك ظل نموه قوياً عند 6,9 بالمائة، ويعكس هذا التباطؤ فيما يبدو تراجع الطلب على البتروكيماويات من خارج المملكة. وأضاف تقرير جدوى للاستثمار «إذا استبعدنا قطاع النفط، نجد أن معدل نمو القطاع غير النفطي تراجع في الربع الثاني إلى 5,5 بالمائة، وهو أدنى مستوى له طيلة الفترة التي تتوفر فيها بيانات بهذا الخصوص، من 5,7 بالمائة في الربع الأول. ولكن، في ضوء تراجع نمو القطاع الحكومي بوتيرة أسرع، إلى 3,6 بالمائة فقط في الربع الثاني، وباستبعاد قطاع النفط والقطاع الحكومي، نجد أن النمو الاقتصادي للقطاع الخاص غير النفطي جاء قوياً عند 6,4 بالمائة. هذا التوسع وضع القطاع الخاص في المقدمة فحافظ على نمو قوي في الربع الثاني، ولذلك فإننا نتوقع استمرار هذا المسار خلال الأرباع القادمة خاصة وإن القطاع الخاص سيستفيد من المعطيات القوية للاقتصاد المحلي». وعلى أساس المقارنة الربعية، أكد التقرير أن الاقتصاد نما بنسبة 5,7 بالمائة مقارنة بانكماش عند 12,6 بالمائة في الربع السابق. ورغم أن هذا المسار كان متوقعاً باعتبار أن الأداء في الربع الثاني يكون عادة أفضل من الربع الأول، لكن هذا النمو الربعي جاء أقل من المستوى الذي تحقق في نفس الفترة من العام الماضي، مضيفاً «هذا التباطؤ قادته ستة قطاعات سجلت انكماشاً في الربع الثاني، جاء في مقدمتها قطاع تجارة الجملة والتجزئة الذي هبط الى -14,5 بالمائة. كذلك شهد الربع الثاني انكماش قطاعي التشييد والنقل والاتصالات مقارنة بالربع الأول، حيث أدى ارتفاع درجات الحرارة إلى تباطؤ الإنتاج. بالمقابل، سجل قطاع المرافق تحسناً كبيراً بنموه بنسبة 62,2 بالمائة مقارنة بالربع الأول بفضل الارتفاع الكبير في استهلاك الكهرباء لدى شريحتي المساكن والمحال التجارية على حد سواء نتيجة للزيادة الكثيفة في استخدام وحدات التكييف، فيما جاء قطاع النفط والغاز كثاني أسرع القطاعات نمواً (نما بنسبة 34 بالمائة على أساس ربعي) لارتباطه بإنتاج النفط الذي نما بنسبة 1,2 بالمائة خلال نفس الفترة».