« زامر الحي لا يطرب».. مقولة تنطبق إلى حد بعيد على واقع بعض شباب الوطن المبتعثين في الخارج، فقد وجد أولئك من يكرمهم ويحتضن ابتكاراتهم العلمية في المحافل الدولية .. بينما تجاهلت مؤسسات المملكة المعنية إبداعاتهم والتزمت الصمت حيال واجبها تجاه هؤلاء المتميزين من أبناء الوطن، .. ولعلنا في هذه العجالة نستعرض بعض تجارب أولئك الشباب الذين كرموا وأبرزت تجاربهم إعلاميا من قبل هيئات ومؤسسات أجنبية، في حين لم تلتفت إليهم الجهات المعنية في المملكة ولو بالإشارة، ولتبقى بذلك تلك الكنوز حبيسة الأدراج لأسباب غير معروفة .. بعض التفاصيل في هذه المادة: مجرد هواية محمد الكناني شاب سعودي كان يحلم كثيرا بأن يصبح طياراً، وكان هذا الطموح يراوده منذ صغره، ولذلك فقد بذل محمد الكثير والكثير منذ صغره من أجل أن يحقق هذا الطموح، ولكنه اصطدم بعد تخرجه من الثانوية العامة، وأجبرته الظروف لأن يدخل كلية المعلمين ويصبح معلما، وبعد مرور غير قليل من الوقت حاول الكناني ألا يستسلم لعوائق طموحه الكبير، ولكنه مرة أحرى حاول ثم نجح في تحقيق حلمه في قيادة الطائرة .. ولكن خارج الوطن»، وعن تجربته قال محمد :» أدركت يقيناً أن مكاني ليس هنا، وأنه لابد لي أن أحقق طموحاتي التي أصبو إليها، ففكرت في إجازة من التعليم بدون راتب، لألتحق بإحدى الجامعات الأمريكية بغية مواصلة الماجستير، وهذا ما حدث ولله الحمد إذ التحقت بإحدى الجامعات التي تخدم تخصصي الذي أرغبه، ولله الحمد أحمل الآن شهادة الماجستير بعد بذل وجهد طيلة الثلاث سنوات الماضية، ورغم ذلك لم أنس طموحي في قيادة الطائرة، فقد طلبت الالتحاق بمعهد الجامعة التي أدرس فيها للطيران، وأجريت عدة دورات تدريبية واختبارات اجتزتها بكل نجاح ولله الحمد في قيادة الطائرات الصغيرة .. لأحلق بها وبشكل شبه يومي فوق ولاية أوهايو الأمريكية، بل نلت ثقة المسؤولين في النادي الأمريكي للطيران بالجامعة، الأمر الذي جعلهم يمنحوني رخصة دولية الطيران» ،، العقيل : هناك فريق بحثي سعودي حصل على براءة اختراع أمريكية نظير تطويره لبرمجيات حاسوبية تعمل على المعالجة الأولية لصور الصفحات ،، ثقة خارجية من جهتها أشارت أشواق العميري مبتعثة سعودية إلى أمريكا إلى الابتكارات السعودية في الخارج التي نالت ثقة المسؤولين هناك لاسيما تلك التي تختص بالمجال الطبي، .. وأضافت أشواق :» كم أسعد عندما أرى زميلاتي الطالبات يعرضن ابتكاراتهنّ في المحافل التي تقام هنا من حين إلى آخر، ولكن مع الأسف الشديد فإن بعض المعنيين في الجهات المختصة تجاهلوا براءات الاختراع والتميز من مواطنهم السعودي، ولا أعلم أهو حسد من عند أنفسهم أم هو تحقير لغيرهم من الناس، وإلا فما تفسير ما ذكرته الكثير من الصحف من ابتكار آلية جديدة قام بها مبتعث سعودي للقضاء على حوادث المعلمات وتقليص مشاكل التفحيط في المجتمع، ولا أحد يشك في أن هاتين المشكلتين من أهم المشكلات التي حصدت أرواح الأبرياء في المجتمع السعودي، ورغم ذلك لم يكرم المبتكر إلا في أمريكا حيث إنني ما زلت أذكر اسم المبتعث وهو المهندي ناصر الحربي طالب ماجستير في الهندسة الميكانيكية في إحدى الجامعات الامريكية ، فقد كان مما قاله عن ابتكاره أنه سيخدم المجتمع السعودي في حال تبنيه من الجهات المختصة، كما أنه يتمنى من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أو مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهوبين أن تتبنى وتطبق هذا المشروع وتفعله على أرض الواقع» القضاء على التفحيط المهندس الحربي صاحب الابتكار ذكر أن دراسته تتكون من ثلاث مراحل لترسيخ أهمية التقيد بتعليمات المرور والسلامة وتكريس الوعي بإتباع القوانين في نفس كل شاب، وأضاف قائلا :» المرحلة الأولى من المشروع تستهدف طلاب المرحلتين الابتدائية والمتوسطة ثم المرحلة الثانوية، وبعدها يكون الشاب جاهزاً لقيادة سيارته بكل وعي وثقة، كما تجعل منه إنسانا إيجابيا في مجتمعه بدلاً من أن يكون قنبلة موقوتة في أي لحظة يهلك ويهلك من حوله، وهذه الفكرة التي أعجبت الجميع في أمريكا و( أتمنى ) أن تحتضنها «بادر» التابعة لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية !!»، وأضاف الحربي :» بصفتي مهندسا ميكانيكيا فإني فكرت بتصميم مسارات للسباق أو ميادين خاصة لاستيعاب أولئك الشباب، وكذلك تصميم وسائل الأمن والسلامة اللازمة التي سوف تحد من الحوادث ومن خطر الإصابات» براءة اختراع أمريكية مازن العقيل مبتعث في مجال تطوير الحاسب الآلي يشير إلى مجال الحاسب الآلي الذي هو على حد وصفه أوسع المجالات لتسجيل براءات الاختراع، واستطرد العقيل قائلا :» .. لاسيما وأن عالم الحاسب عالم متجدد بشكل يومي، مما يجعله يواجه عقبات لابد من إيجاد الحلول الناجعة لها، وهذا الأمر يخدم وبشكل خاص المتخصصين في الحاسب بشكل مباشر كونهم على علاقة مباشرة به، وأذكر أن هناك فريقا بحثيا سعوديا حصل على براءة اختراع أمريكية نظير تطويره لبرمجيات حاسوبية تعمل على المعالجة الأولية لصور الصفحات، وهذا الاختراع يساعد على التعرف الآلي على النص الذي تحتويه الصفحات، ولا أنكر عندما أقول أن هذا الاختراع الذي قام به كل من الدكتور محمد بن سليمان خورشيد، والدكتور حسين بن خالد العمري من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أحد روافد «مبادرة الملك عبدالله للمحتوى العربي» التي تشرف على تنفيذها المدينة بالتعاون مع الجهات ذات الصلة داخل المملكة وخارجها للنهوض بالمحتوى العربي كما وكيفاً، والمحافظة على الهوية العربية والإسلامية» اختراع رقمي ويضيف مازن :» يرتبط الاختراع الحالي باختراع آخر سبق لنفس الفريق تحقيقه هذا العام، ولكن في مجال تطوير محرك إحصائي للتعرف على النص آليا، وبالتالي تساعد هذه الاختراعات على التعامل مع الكتب العربية المطبوعة من خلال استخلاص محتواها من النصوص وتحويله إلى محتوى رقمي يمكن وضعه مباشرة على الإنترنت، مما يسهم في زيادة المحتوى العربي على الشبكة العنكبوتية « في مجال الطب وتحدثت أمل مبتعثة في أمريكا عن الابتكارات الطبية المشرفة التي كان أبطالها سعوديين فقالت :» كان الفصل الدراسي الماضي موعداً لتكريم زوج إحدى الزميلات، حيث تقدم هذا الرجل ببحث علمي مطول استخلص فيه طرق العلاج الناجح لمرض البهاق، وحسبما أفادت به زوجة المبتعث .. فإن العلاج تمت تجربته وأثبت فأعليته وهذا بلا شك يسجل باسم المملكة العربية السعودية ومن الظلم أن تبقى تلك الابتكارات حبيسة الأدراج حتى أن يأتي مبتكر آخر من دولة أخرى فتسجل باسمه بينما هي في أدراجنا منذ سنوات!، فالمجتمع الغربي يقدّر المبتكر بل ويساعده بكل الوسائل لأنه عنصر بناء في المجتمع، بل ربما تتسابق الدول على منحه جنسيتها لكي يجير هذا الابتكار باسمها، وإنني في الواقع أخشى هجرة العقول السعودية إلى الغرب، لأننا في عصر التوسع التقني .. بل والتوسع في كافة أنشطة الحياة، وهذا بدوره حقل خصب للابتكارات ومن هنا يبدأ المبتكر في البحث عن مصالحه والمميزات التي يجدها جراء تبني بحثه ولهذا ربما يفضل المبتعث أن يحصل على جنسية البلد الذي يخدمه في بحثه، ولا يخفى على الجميع من أن الدول تسعى إلى تخطي بعضها البعض نحو الصدارة من خلال ما تقدمه من اختراعات تجيّر بأسمائها في المحافل العالمية، وما الاهتمام بالمخترع ورعاية الموهوب وتوفير الجو الملائم له إلا حجز زاوية للوصول إلى تلك المراتب التي تطمح الدول أن تصل إليها «