كانت الدموع تنهمر من عيون جنود الامن المركزى المصطفين لحجز المشاركين فى جنازة شهداء رفح ، لكن هذه الحشود التى اصطفت بمحاذاة المنصة التى اغتيل عليها الرئيس السادات فى العاشر من أكتوبر عام 1980 تحولوا الى جزر منعزلة كل منها يحاول الاحتكاك بالآخر ، الغالبية كانت تندد بحكم الاخوان والمرشد - يسقط يسقط حكم المرشد .. يسقط .. يسقط مرسى والاخوان ، وإلى جوارهم تحديدا كانت هناك مجموعة ثانية تعلي صوتها هتافاً يسقط .. يسقط حكم العسكر، وبينهم كانت الناشطة أسماء محفوظ التى لم يكن بجوارها أحد من أعضاء حركتها ، وفى دائرة على نفس الرصيف كانت هناك مجموعة مماثلة من شباب الاخوان والسلفيين يوجهون الجميع الى التوقف عن الهتاف احتراما للجنازة كتوجه دينى ، لكنهم لم يلتفتوا اليهم ونشبت العديد من الاحتكاكات فأخذ الاخوانيون والسلفيون يهتفون «لا اله الا الله الشهيد حبيب الله «. عمليات كر وفر سريعة وبسرعة تحولت هذه الاحتكاكات الى عمليات كر وفر سريعة طالت الاعتداء على عبدالمنعم أبو الفتوح المرشح الرئاسى السابق ونادر بكار القيادى فى حزب النور، وفى هذه اللحظة انتبه أحمد سبيع أمين إعلام حزب الحرية والعدالة إلى أن هناك فوضى أمنية تملأ المكان فبعث برسالة هاتفية الى الدكتور ياسر علي المتحدث باسم الرئاسة والمرافق للرئيس فى مسجد آل رشدان من جملة واحدة قال له فيها «يبدو أن هناك فوضى أمنية متعمدة فى المكان وأخشى على الرئيس» ، فى هذه الاثناء جاء الموكب الجنائزى لسيارات الاسعاف ولا يتقدمه الرئيس حتى ان سيارات الرئاسة التى كانت بانتظاره فى الموقع غادرت المكان فتعرض لها العديد من المحتجين هناك وغادر كل من هو اخوانى المكان ، وكنت أتحدث الى النائب جمال سمك عضو مجلس الشورى عن حزب البناء والتنمية واخذ النائب يستنكر الأحداث ويرى أن فيها خليطا من توافق ايادٍ داخلية وخارجية وأن حركات الجهاد التى وضعت السلاح ودخلت فى الميدان السياسى الآن تتبرأ من كل فعل مماثل ، لكن فوجئت بأن مجموعة بعضهم كان يعلق صورة عمر سليمان على صدره وأخذوا يتدخلون بحدة فى الحديث بينى وبينه وبين أمين اعلام الحرية والعدالة ، وجروا الرجلين بأسلوب فيه مهانة شديدة وقاموا بالاعتداء عليهم دون أى تدخل من القوات التى كانت موجودة. على الجانب الآخر وصلت فقط 6 جثث لمنفذى عملية الاغتيال الى مستشفى رفح العسكرى حيث يجرى تعامل الطب الشرعى معهم عبر فصح « dna» «للتعرف على هوياتهم ، لكن كان هناك نوعا من الاستغراب لماذا تسملت مصر فقط 6 أشلاء لجثث منفذى العملية ، وفقا لما صرح به رئيس الطب الشرعى احسان كميل فى حين أن وزير الدفاع الاسرائيلى ايهود بارك قال إنه تم قتل 8 عناصر من منفذى العملية . ويبدو أن القاهرة لم تطلع على تفاصيل العملية التى وقعت فى الساعة السابعة عند نقطة الماسورة جنوبى المعبر الحدودى الفاصل بين رفح المصرية والفلسطينية، وأنه لا توجد معلومات كاملة الملامح حتى الان، حيث إن المخابرات العامة والمخابرات الحربية المعنيين بالدرجة الاولى بالواقعة فى انتظار حديث شهود عيان الواقعة وهم من الجنود الذين شاهدوا الواقعة فقط وبحسب مصادر فإن هذه التحقيقات ستبقى فى طى الكتمان لحين اتخاذ قرار سياسي بشأن التعامل معها . وفهمنا من الخبراء العسكريين هنا فى اسرائيل أنه كان هناك تحذير اسرائيلى رسمى لمصر تحدثت عنه وسائل الاعلام الاسرائيلية والمصرية لكن هناك مندوبا اسرائيليا أودع الأجهزة المعنية فى مصر معلومات بهذا الشأن بشكل رسمى والسؤال فى اسرائيل لماذا لم تتخذ مصر الحيطة والحذر. تسريبات أمنية لكن التسريبات المؤكدة من دوائر أمنية قطعت بأن منفذى العملية كانوا يرتدون زيا عسكريا مماثلا تماما، وأن العملية لم تستغرق سوى ربع الساعة وأن منفذى العملية البالغين 35 ملثما قاموا بإطلاق نار عشوائى على الجنود والضباط فأوقعوهم على الفور بين قتلى وجرحى ، ومن هول الصدمة لم يقوَ الجرحى على التصدى لهذا العدد الكبير من المقاتلين الذين غدروا بهم فى وقت أذان المغرب بالتحديد بينما كانوا يهمون بالافطار واستقلوا مركتبين تابعين للوحدة وانقسم الفريق بينهما ولدى تحرك هذه المدرعات وفى غضون دقيقتين بالتحديد كانت أجهزة الانذار تعطى اشارات لدى الجانب الاسرائيلى الذى لم يكن هو الآخر لدية اى احتياطات حقيقية للدرجة التى جعلت المنفذين يدخلون المعبر فعليا حيث كانت المركبة تسير بسرعة منقطعة النظير لم تستغرق سوى ثلاث دقائق لكل كيلو متر وهذا يعنى القدرة الفائقة على قيادة مركبات من هذا النوع ، واخترقت المركبة الاولى المعبر وسارت فيه حوالى 2,5 كيلومتر حتى تم تفجيرها. بينما الثانية تم اصطدامها بمعبر كرم ابوسالم بعد أن وضع منفذو العملية متفجرات للقيام بعملية انتحارية داخل مستوطنة كرم ابو سالم على اقرب التقديرات . هذا السيناريو تطابقت المعلومات حولة بين مصدر مصرى وأكده على الجانب الآخر جاكى خورى المحرر العربى المختص فى الشئون المصرية فى هأرتس خلال اتصال معه ، مضيفا «تأكد لدينا أن إحدى المدرعات المصرية اخترقت الحدود الاسرائلية عبر معبر كيرم شالوم ودخلت الى مسافة 2.5 كلم ، ورئيس الوزراء رغم شكره لعملية التصدى ، إلا أن هناك تحقيقيات جارية ، لكيفية هذا الاختراق السريع للحدود والوصول الى هذه المسافة ، وفهمنا من الخبراء العسكريين هنا فى اسرائيل أنه كان هناك تحذير اسرائيلى رسمى لمصر تحدثت عنه وسائل الاعلام الاسرائيلية والمصرية لكن هناك مندوبا اسرائيلىا أودع الأجهزة المعنية فى مصر معلومات بهذا الشأن بشكل رسمى والسؤال فى اسرائيل لماذا لم تتخذ مصر الحيطة والحذر»، وقال خورى ان هناك حالة من السخرية السياسية فى تل ابيب من توجيه الاخوان أصابع الاتهام للموساد فى العملية ، ويبدو أن الموساد غير مبال والحكومة اكتفت ببيان نفى ما أورده الاخوان «. لكنه أكد أن هناك جثتين تفحمتا تماما ولم تسلمهما اسرائيل لمصر ، وهو ما يجيب عن السؤال لماذا لم تسلم اسرائيل لمصر الثمانى جثث». فى القاهرة تقول المصادر المقربة من الدوائر الامنية والاستخبارية المصرية إنه كان هناك فرضية يرى البعض أن لها وجودا فى التحقيقات الاستخباراتية القائمة على قاعدة الشك وهى لماذا لا تكون اسرائيل نفسها وراء الحادث وانها تعيد سيناريو عملية «عنيبتى» فى تسعينيات القرن الماضى لكن بأدوات مختلفة ، لكن مع الحديث الى أكثر من مصدر من هذه الدوائر بدا أن المعلومة غائبة والتفاصيل المتاحة ممنوعة ولا شيء يفيد قبل أن يقول الطب الشرعى كلمته فى تفاصيل الجثث وهوياتها، وهذا لن يحدث قبل اسبوع من الآن. وتعتمد هذه النظرية على أن المستفيد من الاحداث هو اسرائيل من اغلاق المعبر إلى منع مرور الفلسطينيين بدون اجرءات امنية مشددة إلى وقف سيل زيارة حركة حماس الى قصر العروبة وكذلك دك الانفاق والاهم هو استئناف أسلوب «العناق الاستراتيجي» بين الاجهزة الأمنية المصرية والاسرائيلية وأن الحاجة الى تفعيل أكثر لدور مجموعة بئر سبع العريش المصرية الاسرائيلية التى تجرى لقاءات مباشرة كل ستة أشهر بات أكثر الحاحا بين الطرفين ، لكن هناك مصدراً فى هذا السياق قال «إذا كان هناك مستفيد فليس اسرائيل فقط ، هناك مستفيدون آخرون وأن البحث جار فى كل اتجاه ، وأنه لا بد من التوقف عن الحركات الجهادية الخارجة عن نطاق سيطرة حكومة حماس فى قطاع غزة والتى تدور دوائر الاشتباه حولهم أكثر من غيرهم . إعادة النظر فى الملحق الأمني أحد جنرلات الدوائر السيادية ممن تحدثنا اليهم كانوا اكثر اقناعا بهذا الطرح القائل بأن جماعات جهادية «ترعى فى وسط الفوضى الامنية ومن المؤكد أنها تدربت بشكل عالي المستوى وهم ممن يعرفون تضاريس المنطقة بشكل غير قابل للشك ، معتبرا أن الطريق الوحيد الذى أودعوا به أكثر من تقرير بهذا الشأن هو اعتماد توسع دوائر التنمية السيناوية والطريق الى هذا معروف – على حد قوله – مضيفاً والان الأهم هو إعادة النظر فى الملحق الامنى ، ونحن قلنا هذا لواشنطن أكثر من مرة ، ولكن يبدو أن واشنطن وعددا من كبار جنرلات الجيش مقتنعون بان الاشكالية فى العتاد وليس فى الافراد وأن الاهم هو التعديل ليس بزيادة الجنود بقدر ما يتعلق بالتسلح خاصة وأن كل جيوش العالم الحديثة وفى مناطق من هذا النوع تخفض عدد الجنود لصالح منظومة تسليحية عالية المستوى ، واضاف الجنرال الذى عمل بالمخابرات العامة فى هذا الملف لسنوات طويلة «إننى مستاء جدا حينما أتوجه الى اسرئيل بطلب السماح لى بادخال مقاتلة الى نقطة فى ارضى وهبوط طائرة فى مطار العريش تابعة لقوات جيشي .. لابد أن تفهم اسرائيل أننى معني بأمنى قبل أن أكون معنيا بأمنها». فى العريش أجرينا اتصالا بالعديد من المصادر السيناوية التى ارهق كاهلها الحدث ، الشيخ عارف ابو عكر شيخ المشايخ هناك قال « ندعو الرئيس للجلوس معنا للتعرف على ظروف سيناء الحقيقية والجلسات الرسمية العابرة لا تنجز شيئاً « فى حين أن اسلام قدوير وهو احد الوجوه الثورية السيناوية قال « الداء معروف والدواء معروف ، ولكن غير المعروف هو من يمنع ايصال الدواء الى المريض ، لقد جلسنا مع المحافظ ومع القيادات الأمنية وقلنا لهم إننا نعلم أن هناك جماعات فلسطينية ترتبط بمجموعات مصرية وبدأت عناصر خليجية كذلك تظهر على الساحة فى العريش والشيخ زويد ورفح ، وهذه العناصر مريبة وتواترت الروايات من الجميع على أنهم مثيرون للقلق ، وقلنا لهذه القيادات إننا نعرف المجموعة الرفحاوية واحدا واحدا فردوا اننا نعرفهم ايضا لكننا ننتظر قرارا سياسىا من القيادة فى القاهرة للتعامل معهم ، وباءت محاولتنا بالفشل «. فتح معبر رفح من المؤكد أن الأجهزة الأمنية لم تكن راضية على فتح معبر رفح ، والصياغة السياسية الجديدة التى يراها الرئيس للعلاقة مع حماس ، ولكن الكثير من القيادات التى تتابع الامر ترى أن الانفاق كانت العنصر الرئيسى فى المرور لتنفيذ هذه العملية ، وهناك نصائح للتدخل من القيادات الأمنية فى قطاع غزة والتعامل مع الملف على اساس أمني بحت يستدعي التدخل هناك إن أمكن خاصة وأن استخبارات حماس هى الاخرى فشلت فى تمرير معلومات لمصر حتى الآن تتعلق بالموضوع ، على الرغم من أنها دخلت كأحد اطراف اربعة لتبادل معلومات مؤخرا للتنسيق الحدودى وهى القاهرة والاردن واسرائيل ، ولكن قيادات حماس لم يكن لديها فى الدائرة الضيقة أى معرفة بهذا الأمر لكن المستغرب أنهم لم يوجهوا اصابع الاتهام لتل ابيب كما هو حال اخوان مصر . وبدا من خلال اتصال هاتفى مع القيادى محمود الزهار أنه لا علم لديه بالموضوع بعد ساعتين من اندلاعه على الرغم من أن مصادر فلسطينية فى رفح الفلسطينية أكدت لنا سماع دوى انفجار فى المكان باتجاه كرم ابو سالم ، ويبدو أنه صدم بالاقدام على هذا الموضوع للدرجة التى استدعت غضبه من الابقاء على الانفاق التى اعترف أنها المصدر الرئيسى لسلاح المقاومة الذى لا يستخدم ضد مصر ، موجها فى حديثه الاتهام لعناصر من الخارج دون اى اشارة لاسرائيل.