على الرغم من فشل محادثات اسطنبول الاسبوع الماضي التي جرت على مستوى الخبراء والفنيين الممثلين لمجموعة 5+ 1 ، وهو الاجتماع الثالث خلال الشهرين الأخيرين بعد محادثات بغداد و موسكو ، إلا أن تطورا لافتا حدث عشية تلك المحادثات كشف عنه مصدر مقرّب من تلك المحادثات لصحيفة « كومير سانت» الروسية ، بعرض فريق ايران مشروع تصنيع بلاده لغواصة تعمل بالطاقة النووية ، في محاولة لاقتناص فرصة مشروعة لتخصيب اليورانيوم عالي التخصيب استنادا إلى أن استخدام المادة النووية في تسيير السفن يعد استخداما سلميا للطاقة الذرية . المشروع الايرانى لانتاج غواصة نووية لا يمثل أزمة لدى الحرس الثوري الايراني الذي يملك القدرة على صناعتها ،وبغض النظر عن الاحتياج إليها ، لماذا تُقدِم ايران على هذا الخطوة ؟ هو السؤال الذي كان محل علامة استفهام من المجموعة الغربية . إجابة واضحة لكن الإجابة عنه بدت واضحة لدى الخبير الايرانى على نورزاده مدير مركز الدراسات العربية الايرانية الذي كشف خلال اتصال هاتفي معه في لندن أن لدى خامنئي المرشد الأعلى لإيران تصوراً خاصاً وصفه بالخاطىء حول امكانية إعادة انتاج التجرية الكورية الشمالية حيال ملفها النووي في ايران ، معتبراً أنها استطاعت أن تحوز 9 قنابل نووية ،وهو ما جعل الولاياتالمتحدة لا تتجرأ على مهاجمتها بسبب هذا المخرون . مضيفاً: « إن خامنئي قال لبعض مستشاريه: إنه لو كان لدى ايران قنبلة واحدة فإن ايران لديها وثيقة تأمين 25 عاماً مقبلة على الأقل في مواجهة كل من الولاياتالمتحدة واسرائيل» حتى ولو كانت الأولى تراه خطاً أحمر ، وتراه الأخيرة خطا فوق الأحمر بتعبير نور زاده . بالفعل لدى طهران القدرة على تصنيع هذه النوعية من السفن والغواصات، لكن في حدود معينة ، فالحرس الثوري الذي يقوم بمناورات من وقت لآخر يرى حاملات الطائرات الامريكية وهي تجول في الخليج وسط حراسة من 6-7 سبع قطع في أسفلها غواصة نووية ، ما جعل الأمر مغريا بالنسبة لهم ، هكذا يقول العميد صفوت الزيات بعد حديثه مع شخصيات ايرانية وثيقة الصلة بالاستراتيجيات العسكرية ، حيث إن الغواصات العادية التى تمتلكها والتي تعمل بالديزل تحتاج للتموين من وقت لآخر ويحتاج كل عدة سنوات إلى تغييره في حين ان الطاقة النووية يمكنها عمل ذلك ما بين 15-20 عاما . خرج الرئيس الايرانى أحمدي نجاد ليقول: إن بلاده ستتحمل ما هو أكثر مما يمكن أن تتحمله من ضغط كرسالة سياسية إلى العالم ،أن ايران تستطيع أن تتجاوز تلك العقوبات ، وهو ما عقّب عليه نور زادة بقوله: « يبدو أن النظام الايرانى لا يبالي بالحالة الاجتماعية التي وصلت إليها البلاد في ظل سياسيّة العقوبات خاصة بعد هبوط عملتها الى النصف بعد فرض عقوبات على البنك المركزي ، وما تلاه من عقوبات بحظر تصدير النفط الى دول الاتحاد الاوروبي صراع التفاوض وأضاف الزيات «: سألت الايرانين لا توجد سفن تجارية يمكن ان تصل الى المحيط الهندى *ومدايات بعيدة بدون حراسة من هذا النوع من الغواصات ومن ثم ستكون فى النهاية عسكرية وبصيانه عادية ، وأعتبر أنها فى النهاية شحطات اعلامية لدى طهران التي لديها طموحات كبيرة ،وتأتي فى سياق ما أطلق عليه صراع المفاوضات التى تسير بين أكثر من اتجاه، سواء كان من عمليات اغتيالات تجرى لكوادرها الفنية العاملة في الحقل النووي، بالاضافة الى سياسة العقوبات الخانقة المفروضة عليها ،والتي كان آخر قاطراتها العقوبات من الاتحاد الاوربي على واردات النفط الايرانية ، وصعوباتها ليست في عملية التصدير النفطي لاوروبا لكن 90% من شركات التأمين في منطقة اليورو والتي تحصن مرور النفط الايراني الى كوريا الشمالية خارج تلك المنطقة . مناورة إيرانية وايران هى الاخرى تناور الأطراف الدولية فبينما تذهب الى المفاوضات في موسكو كان مجلس الشورى يهدد بإغصدار قانون بإغلاق مضيق هرمز في الوقت الذي كانت تجرى فيه مناورات» الرسول الاعظم 7 «وخرج الرئيس الايرانى أحمدي نجاد ليقول: إن بلاده ستتحمل ما هو أكثر مما يمكن أن تتحمله من ضغط كرسالة سياسية إلى العالم ،أن ايران تستطيع أن تتجاوز تلك العقوبات ، وهو ما عقّب عليه نورزادة بقوله: « يبدو أن النظام الايرانى لا يبالي بالحالة الاجتماعية التي وصلت إليها البلاد في ظل سياسية العقوبات خاصة بعد هبوط عملتها الى النصف بعد فرض عقوبات على البنك المركزي ، وما تلاه من عقوبات بحظر تصدير النفط الى دول الاتحاد الاوروبي ، مشيراً إلى أن النظام الايرانى يضع أمام الشارع النموذج السوري وينتظر ما الذي سيحدث له ، لكن من غير المتوقع أن هذا الشارع سوف يصبر كثيراً «. إعلان حرب ويعد مضيق هرمز هو شريان الحياة الطبيعي لإمدادت النفط الخليجية الى العالم الخارجي ، ولم تفلح اتفاقية دولية بشأن الممرات الدولية التي وقعت عليها طهران زمن الشاه في عام 1958 باعتباره ممرا دولىا لا يمكن فرض الوصاية المحلية عليه فيما يعرف بحق الملاحة الدولية «، إلا أن نظام « المرشد الأعلى « لم يوقع على اتفاقية حق العبور الترانزيت ، وهو ما يكفل للبرلمان اعتماد هذه السياسية القانونية باغلاق المضيق فى حال تم اللجوء الى مجلس صيانة الدستور. . وفى هذا السياق يرى الخبير الاكاديمى فى الشئون الايراينة بجامعة عين شمس الدكتور فتحي المراغي أن « اغلاق مضيق هرمز فى حال اقدمت عليه طهران بالفعل سيعد بمثابة اعلان حرب ، وسيقدم صكاً للدول العربية لمزيد من ردود الافعال العنيفة على ايران ، ربما لن تقف عند حد استمرار سياسية العقوبات وفرض المزيد منها ، لأن ايران هي التي ستكون بالفعل لجأت إلى سياسة الحرب «. تعديل التصعيد وبشكل مفاجىء عدلت ايران عن هذا التصعيد وخرجت تصريحات تالية تتحدث عن أنه لن يكون هناك إغلاق لمضيق هرمز ، وهو ما يقول العميد الزيات: إنه بمقدروها أن تغلقه ولمدة تقترب من 11- 15 اسبوعاً ، لكن سيعد ذلك نوعا من التهور السياسي ، الآن هناك حالة من استعراض القوى في المقابل من جانب الولاياتالمتحدة التي بدأت حشد غير مسبوق فى الخليج ، فقد ظهرت هناك طائرات من نوعية « إف 22» وذلك للمرة الاولى وربما لم تستخدمها واشنطن من قبل عملياتيا حتى فى الحرب على ليبيا مشيراً إلى أن الحرس الثورى ربما لن يغلق هرمز لكنه سيتلاعب فى أمنه من خلال عمليات انتحارية أو زراعة ألغام فيه أو حتى اطلاق صورايخ كروز يمكن اطلاقها عبر جبال زاجروس . سيناريو الحرب اذاً لم يستبعده الخبراء أيضاً ويقول نورزاده: إن الولاياتالمتحدة حصلت على تعهد من تل ابيب بعدم الذهاب إلى حرب ضد طهران قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة ، لكن السؤال الآن هل ستلتزم اسرائيل بهذا التعهد ؟ ويجيب عنه بقوله:/ ربما اسرائيل ستستمر فى اعتماد سياسية اجهاد البرنامج النووى الايرانى لكن فى حال وصول معلومات بشأن قرب تصنيع قنبلة نووية فإن اسرائيل ستنقض هذا التعهد الذي قطتعة لدى ادارة أوباما وسيتعين على الأخير الدخول فى الحرب في اليوم التالي مضطرة وليست مختارة . تحول دراماتيكي وفي هذا المحور يقول جاكي خوري المحلل السياسي من عرب 48 والمتخصص في شئون العربية فى « هآرتس « إن اسرائيل تضع الان نصب أعينها التحولات الدراماتيكة الجارية فى بلدان الربيع العربى والصعود الاسلامي فيه ، ومن المتصور أن اقصى درجات التعامل الان هو القيام بعملية كبيرة لتعجيز تقدم البرنامج النووى مثلما حدث في المفاعل العراقى لكنها تضع فى اعتبارها ردود الافعال العربية لأنها ستدرك أنها ستكون بصدد عدم استقرار أمنى وستفتح على نفسها اكثر من جبهة وليس جبهة واحدة ولن يكون بمقدروها صد هذه الجبهات . ولكن فى المرحلة الراهنة فمن المتوقع أن يكون هناك مزيد من المباحثات التى تتعمق خلالها الفجوة بين ايران والمجتمع الدولى كما يقول نورزاده ، مضيفاً «: اسرائيل اكثر الدول اختراقاً لايران ولبرنامجها النووى وتعلم تماماً إلى أى حد وصلت فى تصنيع قنبلتها ، ومن ثم فحينما نفاجأ بضربة على ايران علينا أن ندرك أنها كانت على حافة تلك القدرات وأنه لم يكن أمامها سوى شهر واحد على الاكثر لانتاجها وعلينا حينها أن نتوقع الكثير من سيناريوهات المستقبل التى ستكون مفتوحة في كل اتجاه..