حينما حكَّ جِلدَ الحذاءِ بِفُرشاتِهِ لم يكنْ لَمَّعَ الجِلدَ لكنَّهُ هَيَّجَ الذكرياتْ. كلُّ ذكرًى صدىَ خطوةٍ نَذَرَتْ نفسَها للسُّرى في دروب الحياةْ مالَ بِي نحوَهُ الشوقُ حين صَحَتْ سيرةُ العُمْرِ بين الخُطَى .. قلتُ يا سيِّدي : رأفةً بالأماني التي استوطَنَتْ في حذائي .. فبعضُ الخُطى أمنياتْ ! ولا تبتئسْ أنْ تُرَمِّمَ ما فيهِ من عثرةٍ .. قد خسرتُ من العُمرِ مقدارَ ما انحلَّ حينما حكَّ جِلدَ الحذاءِ بِفُرشاتِهِ لم يكنْ لَمَّعَ الجِلدَ لكنَّهُ هَيَّجَ الذكرياتْ كلُّ ذكرًى صدىَ خطوةٍ نَذَرَتْ نفسَها للسُّرى في دروب الحياةْ مالَ بِي نحوَهُ الشوقُ حين صَحَتْ سيرةُ العُمْرِ بين الخُطَى .. ساكناً بين فرشاتِهِ و(المُنَظِّفِ) تنبعُ من حولِهِ الأرضُ أحذيةً يَتَصَفَّحُها كالوجوهِ ويقرأ فيها ملامحَ أصحابِها والدروبَ التي شاطرَتْهاَ الخُطى فيُرَمِّمُها خطوةً خطوةً .. ويُمَسِّدُها في يديهِ رباطاً رباطاً ويُطْعِمُها أَلَقًا من صِباَهْ حين أبصرتُهُ كان في غفلةٍ تَشْتُمُ الانتباهْ ! ويقينٍ تجاوزَ حدَّ اليقينِ فخالطَهُ الاشتباهْ ! وقفتُ وما كنت أدري : أَرائحةُ الجُهدِ أمْ ريحُ أصباغِهِ أرشدَتْني إلَيْهْ ؟! حينما حَطَّ عن ظهرِهِ ثِقْلَ صندوقِهِ، كان ثِقْلُ الإعالةِ ممتطياً منكبَيْهْ ما أَحَسَّتْ بهِ غير عصفورةٍ في الطريقِ تُفَتِّشُ عن لقمةٍ للفراخِ .. فوَالهفتاهُ عليها ووَالهفتاهُ عليهْ ! فجأةً .. مَطَّ جبهتَهُ باتجاهي فثارَ غبارُ الزمانِ المعرِّشِ في حاجبَيْهْ ! سمعتُ أنينَ الكرامةِ بين مفاصلِهِ عندما بَسَطَ الفقرُ أسمالَهُ فوق ظهرِ الرصيفْ ورأيتُ المذلَّةَ وَهْيَ تُكَوِّرُ حنظلَها باتِّساعِ الرغيفْ ! وغاصَ حذائِيَ في قلبِهِ حينما شَدَّهُ بِاليدَينِ .. تأمَّلتُهُ نازفاً كلَّ شئٍ سوى دمِهِ .. ياااااااالَقسوةِ هذا النزيفْ ! تَأَمَّلتُ في راحتيهِ ربيعاً لأحذيةِ العابرينَ يُصارعُ ما فيهما من خريفْ ! حينما حكَّ جِلدَ الحذاءِ بِفُرشاتِهِ لم يكنْ لَمَّعَ الجِلدَ لكنَّهُ هَيَّجَ الذكرياتْ كلُّ ذكرًى صدىَ خطوةٍ نَذَرَتْ نفسَها للسُّرى في دروب الحياةْ مالَ بِي نحوَهُ الشوقُ حين صَحَتْ سيرةُ العُمْرِ بين الخُطَى .. قلتُ يا سيِّدي : رأفةً بالأماني التي استوطَنَتْ في حذائي .. فبعضُ الخُطى أمنياتْ ! ولا تبتئسْ أنْ تُرَمِّمَ ما فيهِ من عثرةٍ .. قد خسرتُ من العُمرِ مقدارَ ما انحلَّ من سُمْكِ هذا الحذاءِ الذي اختصرَ الوقتَ من مولدي للمماتْ ! بيروت