الأستاذ رئيس تحرير صحيفة الجزيرة خالد المالك بعد التحية. كلمة (المكان) وما تشغله من حيز مهم في الاتجاهين الفلسفي والأيديولوجي، إذ هي الوسط الذي يتحرك من خلاله الإنسان في وجوده على ظهر هذه الأرض التي هي بمثابة الإنسان والزمان والمكان.. وقد تعد تأريخاً وحضارة، وفكراً في سلوك الفرد وتنقلاته عبر المسار الذي يعطيه المصلحة والتنوع في التفكير والممارسة وهي الزمكانية في الحس الأدبي والثقافي وبالعمر في سنواته المتعددة في الرأي الاجتماعي والعرفي، وها نحن بإذن الله تعالى بهاتين المفردتين ما يشاء الله الكريم ويختار في الأصل والصورة أو في الماهية عموماً. فالمهم هو الارتباط المتين والذي من المستحيل انفكاكه ولو بجزء منه بين الإنسان وشعوره بالمكان.. لذا ليس بمستغرب أن نسمع الجواهري أحد أقطاب الشعر وعلى امتداد قرن كامل يقول في استدعائه لدمشق: شممت تُربَكَ لا زُلفَى ولا ملقا وسِرتُ قصدك لا خبأً ولا مذِقَا وأيضاً حينما يطل من نافذة التاريخ ليقول: شممت ثراكِ فهبّ النسيمُ نسيمُ الكرامةِ من بَلقَعِ وما ذكره أيضاً قيس بن الملوح في تكرار تردده لمكان محبوبته: أمرُّ على الديارِ ديارِ ليلى أقبِّلُ ذا الجدار وذا الجدار وأيضاً ما ذكره الشريف الرضي ود. إبراهيم ناجي ورابعة العدوية و... الكثير ممن تأثروا بالمكان وسريان ألم الغربة في عروقهم ونفوسهم.. ولعل قصيدة د. القصيبي التي مطلعها: عدت كهلاً تجرُّه الأربعون فأجيبي أين الصبا والفُتون؟ إلى أن يقول: ألبستني ثوب الغبار والصحاري فأنا فيه لا أكاد أبينُ لها علاقة بالمكان في محاولة لافتة من المؤلف جاسم محمد جاسم في كتابه «اغتيال الأماكن القديمة بين بكاء (القصيبي) ومرافعة (أبو زنادة)» وبالذات في المقدمة الشعرية التي شاء المؤلف أن يجريها تحت عنوان «بكاء القصيبي في العودة إلى الأماكن القديمة». وهذا مما جعل بعض الشخصيات تتصل بهذه المفردة مباشرة في بعض إصداراتها كالأديب إبراهيم الناصر الحميدان في سيرته الذاتية «غربة المكان 2009»، وأيضاً الدكتور اليمني عبدالعزيز مقالح في «كتاب المدن»، وأيضاً الفلسطيني إدوارد وديع سعيد 935- 2003م، في «خارج المكان»، وأيضاً رحلات أنيس منصور وسفريات عبدالوهاب مطاوع وغيرهم.. لذا فليس لنا مندوحة حينما نذكر الأحساء موطننا الأم ونحن في محافظة الدوادمي أو في شقراء. أو حينما نذكر المحافظتين ونحن في الأحساء، فانعدام النسيان هنا هو عمر آخر يتصل بعالم الذكريات.. كما قال شوقي في رائعته: فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها فالذكرُ للإنسان عمرٌ ثاني وأيضاً: مثّلت في الذكرى هواك وفي الكرى والذكريات صدى السنين الحاكي فعندما نذكر مثلاً محافظة الدوادمي في نوع من الذكرى ستكون لفظاً من خلال بعض الأحداث المحكية، ومن الممكن أن يضاف لها مستقبلاً من الذكرى العملية وهي عبارة عن محطات زمنية رائعة في سرد شخصي من 1413 - 1423ه تحت مسمى «شذرات من ذهب في غربة من ذهب».. وأيضاً محافظة شقراء فمن حين إلى حين يتم الإشارة والتنويه عن حضورها الفاعل والمميز في كل شؤونها ودروبها وبالذات في بلديتها، حيث الأصدقاء والزملاء من رئيس البلدية إلى أصغر عامل فيها.. فمن الصعوبة بمكان أن الأسماء محل النظر فالجميع هناك أحباب وأعزاء وفي محل التقدير والاحترام.. ويكفي أن أقول هنا وفيها: شقراء مني ألف تحية تجري على البعد الجميل سلاما ذكراك في صور الربيع سعادة تهدي الجميع على السكوت ملاما يا موطن التذكار أذكر راحتي مذ كنا في وادي البشام لماما يا قلعة الوشم الحصينة أدمعي تمسي على طيف الحضور زماما آه.. على قلق أراقب فرحتي بين البعاد فلا تطيق دواما فأنتِ الفكر عشتُ فيه وأنت الصحب في الأعمال قاما فها نحن في الأحساء نشدو نزف الأناشيد والسرور كلاما من تحايا موظف فيها يبدو سعيداً على مر الصروف كراما موظف في ذكراها دوماً يعيش مع الأحباب عاما فعاما حراكاً قد عهدناه منذ كنا نرجي السكون المريب قياما ففي البلدية الغراء لون يهادي الحقوق رأفة وضماما ولنادي الوشم منا حضور لمسنا الثقافة العلياء خاما وللزملاء الكرام في كل حقل خلال تنادي فرحة ومراما فيا شقراء مهما قلت مدحاً فأنت على كل الكلام كلاما آمل أن تكون مقبولة ضمن القصيدة الشعبية المعتمدة على خيال من التركيب وعلى نظام من الروي المتنقل بعيدة عن الشكل العامودي أو المضمون الشعري الموحد.. لترجع تلك إلى بداية المقال في ارتباط بالمكان. ولحسن الحظ وجدت ما يتصل بالمحافظتين كحدث لافت وهو ما هو منشور في جريدة الرياض عدد 15714 بتاريخ الأحد 2 شعبان 1432ه لعلي العطاس.. هذا العنوان «بعد انتقاله محافظاً للدوادمي.. محافظة شقراء تكرم وتودع محافظها السابق ابن قويد».. وكذلك الخبر المنشور في العدد 15721 في 9 شعبان 1432ه «شقراء تستغل فراغ الصيف لتهيئة جيل جديد من رجال الأعمال» -علي العطاس-.. وفي الجزيرة حيث الختام بها كما بدأنا في العدد المؤرخ 15-7-2010 وفي متابعتها هذا العنوان «انطلاق الملتقى الصيفي الأول للموهوبين بشقراء» لمحمد الحميضي ومنه هل أكون جديراً بفعل المكان أو متصلاً بذكرى الحدث التي تعطي للمكان هيبة وحضورًا.. لا أدري..! واصل عبدالله البوخضر