أستغرب من بعض الشعراء الذين ما زالوا يفضلون كتابة القصائد الطويلة التي في بعض الأحيان تتعدّى أبياتها الخمسين بيتًا.. ويعتبرون هذا الأمر إنجازًا يدلُّ على الشاعرية القوية التي يملكونها حتى وإن كانت قصائدهم مجرد صفِّ كلام موزون وملتزم بالقافية من أجل أن تطول القصيدة متناسين أو لنقل متجاهلين إن قصيدة تتكوّن من سبعة أو ثمانية أبيات ربما تتفوق بجمالها، ويحفظها المتلقي لروعتها. من الأفضل لهذه الفئة أن تتوقف عن كتابة القصائد الطويلة، أو على الأقل ألا يطلبوا منّا مجاملتهم وسماع معلقاتهم المملة وإضاعة الوقت بلا فائدة! صحيح أن عددًا من الشعراء تفوّقوا في كتابة القصائد الطويلة وأصبح لهم متابعون كُثر، ولكن هذا لا يعني أن ينتهج الآخرون نفس النهج، فهناك فرق كبير بين التجربتين، فهؤلاء شعراء كبار متمكّنون من تطويع المفردة وابتكار الصور الجمالية التي تجعل بعض أبيات قصائدهم علامات بارزة لا تنسى، يمكن ترديدها في كثير من المواقف، إضافة إلى الطريقة المشوقة لدى أغلبهم في إلقاء القصيدة. أما ما نشاهده من الآخرين الذين يعتقدون أن مجرد كتابتهم القصائد الطويلة ستجعلهم مميّزين أو ربما يدخلون في موقع مقارنة مع الشعراء البارزين، فيدفعنا للاستغراب من طريقة تفكيرهم حيث نلاحظ عليهم الإصرار الواضح على السير على هذا النهج رغم فشلهم الواضح فيه. هذا الأمر يجعلنا نقتنع بأن الأمر حتى وإن كان قد فُهم بشكل خاطئ من قبلهم إلا أنه من الأفضل لهذه الفئة أن تتوقف عن كتابة القصائد الطويلة، أو على الأقل ألا يطلبوا منّا مجاملتهم وسماع معلقاتهم وإضاعة الوقت بلا فائدة. أعود للقصائد القصيرة التي أبدع بها مجموعة من الشعراء حتى أصبحت مثالًا يتردد من وقت لآخر لأقول إن هناك العديد من الأسماء المعروفة التي كتبت القصيدة القصيرة وابتعدت عن تطويلها يأتي في مقدّمتهم سعد بن جدلان وهو شاعر كبير يعطي مثالًا واضحًا ودروسًا مجانية للشعراء الشباب بأن التركيز على الشعر في كتابة القصيدة أهم بكثير من التركيز على عدد أبياتها.