عزا خبراء ماليون التأثر السلبي للسوق المالي السعودي بمجريات الأسواق الدولية في حال تراجعها الى عدم أهلية العديد من الشركات المدرجة وضعف قدراتها المالية والتنافسية وفقدان المستثمرين الثقة في السوق، مشيرين الى أن الاستثمارات المؤسساتية في الأسواق المتقدمة أكبر ما يعطي أمانا واستقرارا للمتداولين بالسوق، وطالبوا بدور أكثر فاعلية لهيئة السوق لتنظيم النشاط وفق المعايير الدولية وحمايته ذاتيا من اختراقات عدم المؤسساتية التي تتراجع في ظل تقدم الاستثمارات الفردية. وأرجع مدير إدارة الأبحاث والمشورة في شركة البلاد للاستثمار تركي فدعق السبب الرئيس لتأثير الأسواق العالمية على أداء السوق المالية السعودي الى كونها من الأسواق الناشئة وطبيعة تلك الأسواق ذات تحركات حادة في الارتفاع والانخفاض، مبيناً أنه مع تطور السوق ومرور الزمن وارتفاع الاستثمارات المؤسساتية في السوق السعودي وانخفاض الاستثمارات الفردية سيقل تأثير الأسواق العالمية على أداء السوق المالية. السلبية تكون مهيمنة على أداء السوق إذا كانت أسواق العالم متراجعة، لكن عندما تكون مرتفعة فإن سوق الأسهم السعودي لا يعكس هذه الارتفاعات بنفس قوة التراجعات. وأشار فدعق الى أن الاستثمارات المؤسساتية في الأسواق المتقدمة أكبر وبالتالي تعطي أمانا واستقرارا للمتداولين بالسوق، وطريقة إدارة الاستثمارات الحكومية في السوق تعتبر أحد العوامل، لأن أكبر مستثمر مؤسساتي في سوق المالية السعودي هو الصناديق الحكومية، وبالتالي من الممكن أن تمثل هذه الصناديق صمام أمان في السوق من التحركات الحادة له إذا كانت الإستراتيجية بهذا الاتجاه. وفي تشريح لمجريات النشاط الاقتصادي الدولي وتقاطعه مع الاقتصاد الوطني يشير عضو الاتحاد الدولي للمحللين الفنيين أحمد الرشيد إلى أن حجم التجارة الخارجية على الناتج المحلي مرتفع، حيث بلغ المتوسط 72 بالمائة منذ عام 1993م، وهذا الانفتاح الاقتصادي يؤدي إلى تأثر الاقتصاد المحلي بما يحدث مع الشركاء التجاريين والاقتصاد العالمي عموما، ويضيف «قد نرى التأثر أكبر من الدول الأخرى فمثلاً انفتاح الولاياتالمتحدة على الاقتصاد العالمي 27 بالمائة واليابان 29 بالمائة يعني أن اقتصادياتها تتأثر بالعوامل الداخلية أكثر من العوامل الخارجية». وأشار الرشيد الى أن هناك فئة من المتعاملين لهم استثمارات في الأسواق العالمية ويتأثرون بشكل جوهري بما يحدث في الخارج، لكن لا نعلم مدى تأثير هذه الفئة على السوق، حيث لا توجد إحصائيات رسمية عن المستثمرين في الأسواق الخارجية، ويقول : « القارئ لتحرك السوقين السعودي والأمريكي مثلا أو الأسواق العالمية الأخرى لا يجد التحركات متماثلة وهذه طبيعة الأسواق التي تمر بدورات سعرية، وقد تتوافق الدورة السعرية للسوق المحلي مع العالمي وهذا لا يعني أننا متأثرون سلباً أو إيجابا مع المتغيرات العالمية بقدر ما أنها دورة سعرية طبيعية تحدث في السوق، ونرى دورات سعرية تخالف الأسواق العالمية». ويضيف «من عام 2004 إلى 2006م كان السوق الأمريكي في مسار جانبي لا يحقق ارتفاعات، بينما شهد السوق المحلي دورة ارتفاعاته، وخلال انهيار فبراير الشهير كانت الأسواق العالمية تحقق ارتفاعات إلى عام 2007م والموجة التصحيحية في السوق المحلي بدأت في 2006م وكانت ثلاث سنوات، بينما في الأسواق الأمريكية خلال سنة ونصف السنة تقريباً وبدأت بنهاية 2007م، لكن الحديث عن ذلك الترابط لم نجده يأخذ الحيز الأكبر من الاهتمام إلا خلال الأزمة المالية، حيث كان تركيز الإعلام كثيفا على ما يحدث في الخارج واستضاف المحللين الذين نسب بعضهم ما يحدث في السوق المحلي الى تأثره بما يحدث في الخارج، ومن هناك بدأ صغار المتعاملين في السوق متابعة الأسواق الخارجية واكتفوا بما يحدث في مؤشرات الأسواق المالية الخارجية ولم يتجهوا لتحليل المتغيرات، ولكي نجعل التأثر منطقياً يجب أن يكون المتعامل المباشر في السوق سواء كان فرداً أم مؤسسة لديه التأهيل المناسب لاتخاذ قرارات استثمارية». من جهته، قال المحلل المالي عبد الله الجبلي : «من الملاحظ أن العلاقة الطردية للسوق المالية السعودية بالأسواق العالمية أصبحت بادية للعيان، فبمجرد أن تظهر أخبار إيجابية أو سلبية نجد أن السوق السعودي يتأثر سريعاً بتلك الأمور سواءً كانت تلك الأخبار متعلقة بالمجال النفطي، ومن خلال منظور التحليل الفني نجد أن ذلك الترابط لم يكن لسبب اقتصادي بحت بقدر ما هو بسبب عامل نفسي خاصةً بعد أحداث الأزمة المالية العالمية التي حدثت في العام 2008م، فقد كانت التفاعلات ملحوظة في أسواق العالم قاطبة من شرقها إلى غربها نتيجة الهلع والخوف الساريين بين المستثمرين، وبمجرد أن تهبط الأسواق الأمريكية والأوروبية نجد أن اليوم التالي يبدأ بتراجعات قوية على الأسواق الآسيوية مروراً بأسواق الخليج وانتهاء بالأسواق العربية الأخرى، غير أن ما يهمنا في الشأن الداخلي هو قوة التأثير على سوق الأسهم سلباً بعكس التأثر إيجاباً، إذ نجد أن السلبية تكون مهيمنة على أداء السوق إذا كانت أسواق العالم متراجعة، لكن عندما تكون مرتفعة فإن سوق الأسهم السعودي لا يعكس هذه الارتفاعات بنفس قوة التراجعات وهذا الأمر يعني أن معظم المتداولين في سوق الأسهم السعودي فقدوا الثقة فيه لعدة أسباب منها: تعرّض سوق الأسهم لانهيارين كبيريَن الأول في عام 2006 حينما هبط المؤشر من مشارف 21,000 نقطة حتى 6,700 والثاني كان عام 2008 حينما هبط من مستوى 11,800 حتى 4,000 نقطة، بالإضافة إلى الزيادة الكبيرة في عدد الشركات المتداولة من 75 شركة عام 2006م إلى 153 شركة حالياً ما ساعد على تشتيت المستمرين فكرياً حول أفضل الشركات من حيث الاستثمار، أيضاً نجد أن العديد من الشركات المدرجة فاقدة للقدرة المالية والتنافسية، فكيف يُسمح لها أن تُدرج في السوق وتقديمها على أنها مؤهلة لأن تكون قناة استثمارية، بالإضافة للقدرة الكبيرة لهيئة السوق المالية على التعرف على مخالفي الأنظمة وطرق احتيالهم على القانون واسترجاع ما حققوه من مكاسب وفقدان القدرة على إعطاء المتداولين حقوقهم المسلوبة من أولئك المحتالين. كل تلك الأمور أفقدت المستثمرين الثقة في السوق، لذلك نجد أن التأثير السلبي يكون أوضح وأعنف من نظيره الإيجابي».