قبل اكثر من خمسين عاما انطلقت نهائيات الأمم الاوروبية فما نجح منتخب واحد قط في الدفاع عن لقبه بنجاح والإسباني قد يكون الأقرب لتحقيق هذا الإنجاز منذ كان الألماني منتصف سبعينات القرن الماضي قاب قوسين أو أدنى من الحفاظ على اللقب والرجوع بالكأس لولا ان عبست بوجهه في المباراة النهائية ضربات الحظ الترجيحية من نقطة الجزاء وكانت يومها صديقة الحارس فيكتور والمهاجم نيهودا ولاعب الوسط بانينكا وبقية كوماندوز تشيكوسلوفاكيا. إسبانيا ستفتقد لهدافها دافيد فيا وقد تدفع كل اسبانيا ثمن هذا الغياب تماما مثلما فعل ناديه برشلونة عندما لم يجد بديلا له تحديدا في كسر خطوط الدفاع واساليب الأندية في اعتماد التسلل خطة لاحتواء مخاطر الهجوم والإندفاع. قبل اربعة اعوام سجل فيا أربعة اهداف في النهائيات الأوروبية وانتهى هدافا رغم اصابته بعد ثلاث مباريات وغاب عما تبقى من مباريات في تلك النهائيات، وعندها كان البديل حاضرا فيرناندو توريس الذي كان شعلة نار وسجل في الختام هدف الترجيح في مرمى الألمان. اليوم بالتأكيد ليس كالأمس فتوريس بات شبحا وضمه للتشكيلة تم في آخر لحظة بعد التأكد انه ما تبقى من خيارات. إسبانيا ستبدأ مسيرتها بلقاء إيطاليا والرهان بلا شك على اندرياس انييستا فهو على حد قول زميله دافيد سيلفا بعد المباراة التجريبية الاخيرة امام الصين: «يجعل –أي أنييستا- كل شيء سهلا للغاية». كل شيء سهل ربما لكن البطولة الأوروربية ليست سهلة المنال حتى أن تشافي هيرنانديز قال فيها :» لا ينقصها سوى البرازيل والأرجنتين لتكون اقوى حتى من بطولة العالم التي تضم منتخبات متواضعة إذا ما قورنت بمنتخبات اوربا في النهائيات». اشتعل الموسم الإسباني وسرت حينها شائعات كما تسيرالنار في الهشيم ان الإسبان من الدوليين تمترسوا خلف برشلونة والريال وبات الخلاف بينهم ضحيته المدرب فيسينتي ديل بوسكي والجمهور من مشجعي منتخب الإسبان. سرعان ما تم نفي صحة هذه المعلومات وعادت المياه لمجاريها حتى كشفت التشكيلة النهائية بلا مفاجأة أن اثني عشر لاعبا في التشكيلة الإسبانية ممن قيل عنهم تمترسوا خلف النادي على حساب المنتخب وخابت شكوك وظنون الحساد. الإسباني يستقر حاليا حسب التصنيف الشهري للإتحاد الدولي لكرة القدم عند المركز الأول. لم يخسر الإسباني هذا العام أيا من المباريات الودية وعددها اربع مباريات، بالواقع فاز فيها جميعا وما تلقى مرماه سوى هدف كوري. قوة الإسبان حاضرة في حارس مرماه ايكر كاسياس من جهة وفي مواهب خط وسطه الذي يُعد الخط الوحيد المُزين بعشرة لاعبين فيما بقية المنتخبات تركز على خطها الدفاعي والكثرة في صفوفه في حال حضرت الإصابة. قد لا يكون الإسباني في هذه النهائيات الأكثر استحواذا على الكرة لكنه بالتأكيد سيكون الأكثر ولعا في تطبيق الخطط الهجومية تماما مثلما هي فلسفة الإسباني منذ ستة اعوام خلت. مهما بلغ الإسباني من قوة وألوان مواهب فان الطريق نحو النهائي ستكون شائكة بمنتخبات لا تقل قوة عن حامل اللقب، حيث مرجح ان يلتقي الإسباني فيها في الأدوار اللاحقة بعدما ابتسمت القرعة الى حد كبير بوجهه في الدور الأول فجمعته بمنتخبات طامحة من جهة واخرى تلعب بسمعتها وإن كان المراقبون يرجحون ان تكون مجموعة الإسباني هي المجموعة المزدانة من حيث النتائج بكل انواع والوان المفاجأة معتمدة في ترجيحاتها الى صلادة الأساليب الدفاعية لتلك المنتخبات الأمر الذي يمقته الإسباني لانه منتخب صاحب «كيف» ومزاج يتفتق افكاراً وابداعا عندما يكون في مواجهته ندا يلعب بطريقة مفتوحة يراهن على الجمالية دون ان يهاب العواقب ولو جاءت النتائج هزيمة مريرة. إٍسبانيا انهت النهائيات الماضية بدرجة كاملة عدا ذلك التعادل اليتيم الذي حسمه الاسبان بالضربات الترجيحية امام المنتخب الإيطالي. في افتتاح هذه النهائيات ستغيب الضربات الترجيحية والتعادل وإن كان لا يعكس روحية الإسباني لكنه سيكون بمثابة الانتصار فالإسبان نصفهم في هذه النهائيات هم انفسهم الأبطال، وفي كرة القدم أربعة أعوام في عمر اللاعب كالمسافة بين الأرض والسماء.