أفقدت تذبذبات الذهب في الأسواق العالمية المعدن النفيس بريقه كملاذ آمن بعد أن طالته المخاطر الاقتصادية وجعلت ارتفاعاته ظرفية وليست سلوكا تقنيا يتم وفقا لمعايير سوقية حقيقية، فما أن يبرز تحرك اقتصادي صعودا أو هبوطا تحرك السعر وهي الحالة التي تسمح باختراقات المضاربين والتشويش على الوضع النفسي للسوق. وفي هذا السياق أسهمت محادثات طارئة لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى ستناقش تفاقم مشاكل الديون في منطقة اليورو التي تهدد بتقويض الاقتصاد العالمي في ارتفاع أسعار الذهب في التعاملات الآسيوية أمس مع صعود أسواق النفط والأسهم قبل الاجتماع. وكان المعدن النفيس قد أنهى الأسبوع الماضي على مكاسب بلغت أكثر من 3 بالمائة، لكنه تراجع في سوق نيويورك أمس الأول بعد انخفاض أسواق الأسهم الأمريكية ما دفع المضارين لبيع الذهب لتغطية خسائرهم في الأسهم. وصعد سعر الذهب للبيع الفوري نحو 4 دولارات الى 75ر1622 دولار للأوقية، فيما زادت العقود الآجلة الأمريكية للذهب تسليم أغسطس 1ر10 دولار الى 0ر1624 دولارا للأوقية. وكان الذهب قد سجل أعلى مستوى له على الإطلاق عند حوالي 1920 دولارا للأوقية في 2011 عندما أقبل المستثمرون على شرائه كأداة استثمارية آمنة أثناء أزمة الديون في أوروبا. ومطلع يونيو الجاري قفز سعر الذهب بنسبة أربعة بالمائة، ليسجل أكبر مكاسب ليوم واحد في أكثر من ثلاثة أعوام بعد أثار تقرير مخيب للآمال بشأن الوظائف في الولاياتالمتحدة. ويضع الخبراء والمحللون والمتخصصون خمسة عوامل لزيادة أسعار الذهب العالمية أولها وأهمها هبوط سعر صرف الدولار الأمريكي وزيادة معدلات التضخم في الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث أسهمت محادثات طارئة لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى ستناقش تفاقم مشاكل الديون في منطقة اليورو التي تهدد بتقويض الاقتصاد العالمي في ارتفاع أسعار الذهب في التعاملات الآسيوية. دفعت الإجراءات التي اتخذها مجلس الاحتياطي الاتحادي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) بغرض تحفيز الاقتصاد إلى ضعف الدولار. ومن المعروف أن انخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي يرفع أسعار الذهب العالمية، لكن رغم ذلك من الممكن أن تنخفض أو تستقر أسعار الذهب في نفس الفترة باليورو، ومثال على ذلك أن أسعار الذهب خلال فترة الصيف والخريف من عام 2010 تراجعت قيمتها الدولارية، لكن ظلت مستقرة خلال الفترة نفسها بالين الياباني واليورو. أما العامل الثاني في ارتفاع أسعار الذهب فهو قوة الطلب في الأسواق الناشئة، حيث يعتبر الذهب وسيلة للتفاخر والادخار خاصة في الطبقة الناشئة في كل من الهند والصين، وهما البلدان اللذان يقودان النمو العالمي للطلب على الذهب، والعامل الثالث يرجع لتحول البنوك المركزية من موقف البائع لمشترين للمعدن النفيس. فعلى مدار العقود الطويلة الماضية لجأت البنوك المركزية لدول العالم المختلفة إلى بيع معظم احتياطياتها من الذهب بعد أن فكت هذه الدول ارتباط عملاتها به. ويتعلق العامل الرابع لزيادة أسعار الذهب باعتقاد المستثمرين في أن الذهب من الأصول الحمائية الذي يقي أموالهم من مخاطر عدم الاستقرار الاقتصادي. أما العامل الخامس فهو تقييد صادرات الذهب، حيث إن الفارق بين الطلب والعرض يوفر توقعات شبه مؤكدة لأن أسعار الذهب متجهة بلا شك للأعلى، فتراجع نمو انتاج الذهب بنسبة كبيرة، حيث بلغ متوسط تراجع انتاجه خلال الأعوام العشرة الماضية (منذ عام 2001 تقريباً) 1 بالمائة سنوياً. ويقدر الخبراء قيمة إنتاج العالم من الذهب على مدار 110 سنوات ماضية بنسبة لم تتخط 3.9 بالمائة من قيمة النقد والأسهم والسندات الإجمالية في أنحاء العالم، مرتفعة من 1.3 بالمائة في عام 2000، لكن تظل النسبة الحالية بالقرب من النسبة المسجلة عام 2000 (1.3بالمائة) مع العلم بأنها أقل بكثير من المسجلة في عام 1980 التي كانت تبلغ 12.1 بالمائة، حين سجلت أسعار الذهب ذروتها.