انتقل الى رحمة الله تعالى الأحد الفنان التشكيلي علي عيسى الدوسري، أحد أبناء مدينة الدمام التشكيليين، ولد فيها ودرس وعاش، ولم يتخل عنها أو عن الاسهام في بعض مشاريعها ومؤسساتها. العلاقة المبكرة التي جمعتنا هي نادي الاتفاق بالدمام وفي حي العدامة على وجه التحديد ذلك في صيف1971 عندما انشأ النادي مرسما في حجرة صغيرة كنا للتو في المرحلة الدراسية المتوسطة وكنا قد تلقينا من معلمينا بعض المبادئ الأولى في الرسم والتلوين وتحضير اللوحة القماشية بالزنك والاسبيداج والصمغ العربي، هذا بالنسبة لي. أما صديقي علي الدوسري فقد كان يدرس في مركز أو معهد التدريب المهني، وقد توجه الى أعمال المعادن وسكبها وهو ما أثر في أعماله الفنية في مرحلة من مسيرته. كان رحمه الله مولعا بالفن منذ صغره وعلاقته بنادي الاتفاق كانت من جانب المشاركة في المعارض التي يقيمها أو يمثلها في معارض رعاية الشباب فيما بعد منتصف السبعينيات. كما كان يعمل مع فريق المسرح بالنادي (ابراهيم السويلم وحمد العثمان وابراهيم جبر ) كمسئول عن تصاميم الديكور وتنفيذها. كان مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب بالشرقية بدأ تنظيم المعارض والأنشطة الاجتماعية التي كان الدوسري مشاركا فيها الى ان ظهرت جمعية الثقافة والفنون بالدمام وفي عامها الثاني كان رئيس قسم الفنون التشكيلية محمد الصقعبي قد ترك منصبه وكان الاختيار على الفنان علي الدوسري، وتمهيدا لعمل مشترك وتفعيلا لنشاط متواصل حدثني عن الالتحاق بالجمعية كمقرر لقسم الفنون التشكيلية وفي نفس العام 1979 كان عملنا سويا في القسم، خلالها كانت الجمعية مثل خلية نحل بالنشاطات المختلفة والمتنوعة وبالعمل الجماعي. اهتم بداية بتفعيل دور القسم التشكيلي فكانت المعارض الجماعية ومعارض المسابقات وأيضا بدء المعارض الشخصية التي استهلها عبد الله الشيخ. كانت تربط الفنان علي الدوسري روابط قربى في البحرين وكان يزورها ويعرف بعض فنانيها منذ السبعينيات وهو ما أثّر في بعض أعماله المبكرة، فقد اطلع مبكرا والتقى براشد العريفي وناصر اليوسف وغيرهما، وقد طرح بداية أعمالا تلامس الذائقة الشعبية وهو يتناول الوجوه والألبسة وبعض التشكيلات المعمارية التي يستوحي زخارفها من مشاهداته. كان يسكن في حي العمامرة بالدمام وكنت أزوره بين فترة وأخرى في منزل يسكنه وجدته بعد وفاة والده المبكرة. كان يرسم على الجدران وعلى بعض الألواح الخشبية، وقد تنامت الأفكار وتحولت بعد احتكاكه الفني بفنانين أكبر سنا وأكثر خبرة. بدأت ملامح لوحة فيها الخامة خاصة المعاجين والأشخاص المجردين، ثم توظيف خامات كالنحاس، ثم القصدير أو رقائق الالمنيوم التي اشتغل بها عدد من أعماله الثمانية وأقام خلالها معرضا مشتركا مع الفنان السوري محمد وجيه مدور. كانت لدى الفنان الراحل اهتمامات بالنحت وسعى الى رسم علاقة من أمانة الدمام لتنفيذ بعض التصميمات، وبالفعل كان له ذلك في الدمام والخبر. واصل اهتماماته بين النحت الذي اشتغل بعض أعماله بالفلين والأخشاب والطين وبين أعمال أخرى بينها لوحات رقائق الالمنيوم. كانت لديه اهتمامات بالتصوير الضوئي تحولت في الأعوام الأخيرة الى توجه تحديثي أطلق عليه منذ بدايات التجربة (التصوير المغاير) وهي فعل النظر وحركة الكاميرا واختيار عناصر محددة، إما بالتقاطها أو تكوينها، وعرض بعض نتائجها خارج المملكة لاعتمادها الطباعة بعد تنقية الصورة واخراجها بشكلها النهائي الذي يحقق رؤيته. كما انشأ صفحة خاصة على الفيس بوك تحمل نفس التسمية وانجز فيها أعماله التصويرية الأخيرة التي كان يتابعها يوميا أو شبه يومي، باختيار عناصر حروفية أو حيوانية، بالاضافة الى تناوله عدد من زملائه الفنانين وأصدقائه على الصفحة بانجاز لوحات من وحي صورهم. اشتغل مبكرا في أكثر من مؤسسة أهلية آخرها مع شركة عبد الله فؤاد التي احتفت به وكرمته في حفل خاص عند تقاعده المبكر منها، وبعدها كان تفرغه لفنه، بجانب الارتباطات الأسرية التي لا تنتهي.