قضية المحامي المصري أحمد الجيزاوي المتهم بإحضار أدوية محظورة إلى المملكة، بسيطة وعادية، تشهدها يومياً كل حدود الدنيا ومطاراتها، لو لم يحدث «ما في نفس يعقوب». ولو لم تقلبها الغوغاء إلى قضية علاقات دولية. والغوغاء ليسوا المصريين الذين نعرفهم ونتعامل معهم ونقرأ لهم وتأثرنا بهم وتأثروا بنا، وإنما هي تلك الجيوب المشبوهة التي تجتهد في التعامي وتجاهل البيانات الرسمية التي صدرت من المملكة وتصر، على مدى أيام، على قضية أخرى مختلقة. وكان يجب على المصريين أن يسألوا من اختلق قصة الحكم الغيابي ومن اختلق حكاية أن الجيزاوي اعتقل وهو بلباس الإحرام. باختصار كان يجب أن يسألوا من استخف بهم و«ضحك عليهم» بقصد توجيه المجموعات الغوغائية للاعتداء على سفارة المملكة والإساءة إلى المملكة وسيادتها وعاهلها، بأسلوب لا يمكن أن يقبله أي إنسان محترم. ليس عيباً أن يدافع المرء عن مواطنيه، فهذه مهمة مشرفه لكل إنسان مصري أو غير مصري، على ألا يزايد أو يبالغ أو يتحدث بلغة الإملاء. وأن يستند إلى معلومات صحيحة ورسمية، وليست معلومات جاءت برسالة جوال أو غرد بها طالب مدرسة في تويتر أو رماها «عميل» منظمة أو حزب فتنة في الانترنت والعدالة تقتضي التنويه إلى أنه مثلما أفصحت الغوغاء عن لغتها البذيئة فإن مصريين كثيرين أعربوا عن إدانتهم وغضبهم من هذه التصرفات المسيئة. لست بقصد الغوغاء، فهم يسيئون إلى مصر قبل أي أحد آخر، ولكن ما يهمني هو أشخاص (لاحظوا «أشخاص» وليس مجموع») في «النخبة» منهم المذيع محمود سعد الذي رفض قراءة بيان الحكومة المصرية الذي تعتذر فيه عن «الإساءات» إلى المملكة، بمعنى أنه «يتبنى» هذه الإساءات ويدافع عنها ولا يود الاعتذار عنها. بينما تلك الإساءات ولغتها الدونية البذيئة، لا تشرف أي إنسان بتبينها، لا في مصر ولا في غيرها، وهي إهانة للمصريين أيضاً. ومذيع آخر في محطة «اون تي في» وصف بيان المملكة عن الجيزاوي فوراً ومن دون تثبت بأنه «فبركة أمن دولة»، هكذا دون تمحيص أو اثبات. وآخر أخذ يزايد عن «كرامة المصري» و«كيف يعتقل المرء وهو بلباس الإحرام» على الرغم من صدور بيان رسمي يحدد سبب القبض على الجيزاوي وأنه ليس محرماً لحظة القبض عليه. ومع آخر ركب الموجة، وكان أثناء أزمة الجزائر مع مصر، وصلت به غوغائيته إلى أنه طلب (على الهواء) من المصريين مهاجمة أي جزائري في مصر!!. و«نائب» برلماني (!!) يتحدث بلغة الإملاء ويقول أنه «يجب» الغاء نظام الكفيل في المملكة، وكأن النظام مخصص للمصريين وحدهم. ليس عيباً أن يدافع المرء عن مواطنيه، فهذه مهمة مشرفه لكل إنسان مصري أو غير مصري، على ألا يزايد أو يبالغ أو يتحدث بلغة الإملاء. وأن يستند إلى معلومات صحيحة ورسمية، وليست معلومات جاءت برسالة جوال أو غرد بها طالب مدرسة في تويتر أو رماها «عميل» منظمة أو حزب فتنة في الانترنت. فهؤلاء «الأشخاص» النخبة إما أن ضحالتهم الفكرية منعتهم أن يكونوا موضوعيين، وفي هذه الحالة فهم نخبة صفرية، أو أنهم يتعمدون تضليل المصريين وبذلك يهينون مصر والمصريين. أو أن هناك من ضحك عليهم واستخدمهم لمصالحه وفي ذلك إهانة لهم. أما فخامة الرئيس «المرشح» حمدين صباحي فقال إنه لو كان رئيساً لأرسل وزير الخارجية في طائرة ليأتي بالجيزاوي. هكذا وكأن السعودية «عزبة». بينما الأصول تفترض أنه لا بأس أن يطلب فخامة الرئيس عفواً عن الجيزاي مقابل «معاقبة المسيئين» في مصر. هذه النماذج مع الأسف مصرية، ومع أنها تتحدث بالهوية المصرية، إلا أن لن تحني قامة مصر الفارهة. أما إذا حدثت أخطاء في المملكة فعلينا تقبل النقد مهما كان مراً، على أن يكون نقداً وليس إسفافا وليس نقداً مخلوطاً بجهل أو بتجاهل أو باستخفاف أو بأوهام غطرسة. وقد نقدت أقلام مصرية بعض الأخطاء في المملكة ونتقبلها بترحاب. وتر يا كنانة الله.. إذا ما النيل ألقى سلسبيله في مهج الدلتا وإذا ما نهض التاريخ منتفضاً من حقول الفيوم تشرق الشمس، وتنشد صبايا الأشبين أغان لصباح الكنانة. ولوهج الألق الدائم.. سلاماً.