يبدو أن حبنا نحن السعوديين للقطار ليس له علاقة بالضرورة بكون القطار وسيلة نقل، بل لعله حب قائم على أسباب رومانسية بحتة. وفي حال قبول ذلك، فتلك العلاقة الرومانسية ترتبط بترديدنا أغاني ومقطوعات مثل أغنية عبدالوهاب «يا وابور أقولي رايح على فين؟» إلى أن يقول «عمال تجري إقبلي وبحري..». وقصيدة مظفر النواب «مرينة بيكم حمد..وإحنا بقطار الليل وإسمعنا دك اكهوة وشمينا ريحة هيل.. ياريل صيح ابقهر..» وبالتأكيد، القطار وصفيره ينطوي على كم هائل من الرومانسية التي تذكر بالسفر وفراق الأحبة. وخصوصاً أن العلاقة مع القطار لمعظم السعوديين لا ترتكز على استخدامه كوسيلة نقل.. وبالمقابل يمكن الجزم أن معظمنا وعبر أجيال سمع الأغنيتين أعلاه ولو مصادفة أو مروراً.. فأخذته إحداهما لمصر الكنانة وكيف أن القطار حاضر في وجدان تواصلها الاجتماعي - الاقتصادي طولاً وعرضا، وفي العراق كيف يتنادى من دجلة والفرات ليخالط صفيره حفيف النخيل فترى الأفندي وابن العشيرة والمرأة والطفل في ذاك «الريل» وكل ذاهب لوجهة وقصد. نحن ليس لدينا أغنية سعودية عن القطار، ولا أعرف ما السبب.. لكني أعرف أن القطار بالنسبة لنا وسيلة نقل ثانوية، فهي مازالت تغطي بقعة صغيرة من خطوط السفر لبلد شاسع المساحة تسعى فيه طولاً وعرضاً ومواربة طرق سفر سريعة لمئات الكيلومترات، وقد تداخل مواطنوه وتوزعوا في أنحاء البلاد؛ فتجد أبناء الأسرة قد تناثروا في أنحاء المملكة للعمل والدراسة بعيدا عن مسقط رأسهم. ولا ننسى السفر والنقل لمقاصد تجارية واقتصادية أخرى، كما أن المجمعات الصناعية في أنحاء البلاد ترسل البضائع لكل المراكز الحضرية وتتلقى المواد الخام من المرافئ «إقبلي وبحري».. ومساهمة القطار في كل ذلك مازالت ثانوية.. وليس بوسع أحد القول إن السعوديين ليسوا متعلقين بالقطار، فهو بالنسبة لنا حلم ننتظره منذ سبعين عاماً. وبالقطع فإن تحول ذلك إلى حقيقة هو أقرب حالياً من أي وقت مضى ولله الحمد والمنة، السؤال: كم بقي من الأيام لننطلق باستخدام القطار من الدمام –مثلاً- إلى غرب وشمال وجنوب البلاد؟ بل متى تصبح السكك الحديد السعودية تقدم: «القطار يعرفك ببلادك»، بأن يأخذك القطار لمحطة واحدة على الأقل في كل منطقة من المناطق الإدارية؟ هل من إجابة؟ توتير: ihsanbuhulaiga@