شهد مسرح جمعية الثقافة والفنون بالدمام عرض مسرحية «رماد»، التي تعد أول مسرحية يخرجها علي آل عزوي، ضمن مهرجان مسرح الدمام للعروض القصيرة. مشهد من مسرحية «رماد» (حسين رضوان) وكان آل غزوي قد حضر في الدورة الماضية من المهرجان بحصوله على شهادة تميز عن نص من نصوصه ضمن مسابقة النصوص غير المنفذة التي تتواصل للمرة الثالثة منذ انطلاقتها. وتمثل المسرحية أيضا الحضور الأول لفرقة «عوام ميديا». وهي من تأليف العراقي حسين عبد الخضر، وتمثيل: أحمد إسماعيل وأحمد الجشي، اللذين عادا لخشبة المسرح بعد غياب، وجلوي الحبابي وآخرين. اختار المخرج نصا عراقيا مشبعا بالتراجيديا وأجواء الموت، وهذا ما حفزه ليقدم عرضا مسرحيا حمل أجواء النص، فتجلت التراجيدية في جميع عناصر المسرحية، بدءا من الممثلين، حتى السينوغرافيا مرورا بالموسيقى الحية والمسجلة التي رافقت العرض. فالمخرج اختار أن يستخدم كل إمكانات صالة العرض، خصوصا الإضاءة التي تميزت في تشكيل الجانب البصري للعرض، فتشكلات الإضاءة وتلوناتها وتباينها من حالة إلى أخرى كانت تعطي للعرض بعده الجمالي المبتغى، إضافة لاستخدامه للدخان الذي أوحى بجو من القتامة على العرض، ولكنه استساغ استخدام هذه التقنية لدرجة الإفراط فيها، وتحويل الخشبة كلها إلى اللون الأبيض بفعل الدخان والذي وصل لكراسي الجمهور، ما شتت إضاءته وغيب جماليتها، وكان الأجدى الاقتصاد في هذه التقنية التي باتت مكرورة الاستخدام وتبدو مؤذية أكثر مما تحمل ضرورة حتى من الجانب البصري للعرض. كان الإشكال الذي وقع فيه المخرج هو خروج العرض عن سيطرته، فقد بدا عرضا غير منضبط، وصار أكثر ميلا إلى الاستعراض منه إلى توظيف العناصر المسرحية كان الإشكال الذي وقع فيه المخرج هو خروج العرض عن سيطرته، فقد بدا عرضا غير منضبط، وصار أكثر ميلا إلى الاستعراض منه إلى توظيف العناصر المسرحية، كما أنه، ورغم براعة ممثليه، قد قصر عن ضبط إيقاعهم والتحكم في أدائهم، ولأنه يملك ممثلين مميزين على مستوى الأداء والتراكم، إلا أنهم بدوا مشدودين، ومنفعلين، ويؤدون بطبقة صوتية عالية أدت إلى عدم وضوح الحوارات التي ينطقونها فغابت فكرة النص وسط الصراخ الذي غلب على الأداء، وكان المفترض أن تعطى لكل جملة مسرحية العناية الضرورية لايصالها للمتفرج، حتى يصل العرض بكامله دون تشويش، كما أن الخلط المتعمد بين الحوارات الحية و «البلاي باك» قد احدثت ارتباكا في العرض، وقد يكون المخرج اعتمدها للدلالة على مستويين في قصة المسرحية، إلا أنه شابه بعض الإخفاق في خلق الانسجام بين هذين النوعين من الحوارات، وافقد الانسجام أيضا بين الممثلين الذين ينطقون الحوارات الحية والآخرون للحوارات المسجلة. تميز هذا العرض الاستخدام المبدع للموسيقى الحية، التي كانت متسقة مع حالات الممثلين ووظفت لتكون عنصرا دراميا وشريكا في الأداء جنبا إلى جنب عناصر المسرحية الأخرى، ولم تكن مجرد موسيقى تجميلية. ويتضح من خلال العرض أن آل غزوي يملك خامة مخرج جيدة، كما يملك خامة الكاتب، وهذا جلي في اشتغاله في هذا العرض، كما يملك خامات لممثلين جيدين، وتقنيات جيدة، ولكنه يحتاج إلى ضبط عرضه بشكل يصل به للمتفرج دون ارتباك أو تشويش، فالعرض مشروع لعرض ناضج.