انتقد حضور العرض المسرحي «نقطة آخر السطر» من إنتاج ورشة مسرح الطائف الذي عرض في أتيليه جدة أخيراً، رؤية المخرج عبدالعزيز عسيري المتناقضة مع فكرة مسرح القراءة التي حاول تطبيقها على نص الكاتب المسرحي فهد ردة الحارثي، وبمشاركة سامي الزهراني وأحمد الأحمري في الأداء التمثيلي. واعترض الجمهور بناء على الورقة التي وزعت قبل العرض لتعريف مسرح القراءة، الذي يعتمد على قراءة النص من دون ممارسة الفعل الحركي، مع التركيز على استخدام الأداء الصوتي للممثلين لقراءة حواراتهم أمام الجمهور، مع عدم التقيد بقراءة النص كاملاً، دون الاهتمام بعناصر البناء الشكلي للمسرح مثل الديكور والأزياء. نقطة الاختلاف الجوهرية كانت حول خاتمة العرض السوداوية، التي لم تترك مجالاً لنهاية مفتوحة على احتمالات أخرى يتخيلها المشاهد، واكتشف الجمهور أن النص يدور حول تهديدات الإدارة الأميركية قبل الحرب على العراق، والذي حولها الحارثي إلى محاورة بين رجلين على نقطة تفتيش وخلفهما شاشة تعرض مشهد تشويش مسجل، ترمز لحال التخبط الإعلامي في العالم العربي، بينما كان يعتقد الجمهور في البداية أن المقصود هو الإجراءات الاميركية التعسفية للقادمين من دول العالم الثالث، إذ يطلب الحارس من الرجل الوافد من إحدى دول العالم الثالث الانصياع لأوامره إذا أراد الدخول إلى أرض الأحلام. كان الممثلان يرتديان ملابس العازفين الموسيقيين، الذي يطلب منهم عادة قراءة صفحات نوتة موسيقية من دون الخروج على النص، والغاية من ذلك الإشارة إلى أن فضاء المسرح يشبه فضاء الحياة، وأن التاريخ مسرحية مملة مكررة، لا يتعلم فيها الأغبياء من أخطاء الماضي، لذلك يعيد التاريخ نفسه الذي يصنعه الأقوياء في كل مرة. في الحوار الذي دار مع فريق العمل بعد انتهاء العرض في تقليد جديد بإدارة الدكتور سامي المرزوقي، اعتبر كاتب النص فهد ردة الحارثي أن اقتراحات وتأويلات الجمهور هي الهدف من هذا النوع من المسرح، لأنه يمنحهم المشاركة في بناء النص والإقرار بتعددية الأصوات التي تمارس فن الاختلاف على خشبة المسرح. وتحدث عن اختلافه مع المخرج لكنه اقتنع في النهاية برؤيته. أما الممثل سامي الزهراني أشار إلى صعوبة التمثيل جلوساً على كرسي طوال مدة العرض، وأن هذا يتطلب منه جهداً مضافاً لإقناع المتفرج. وأوضح مخرج العرض أن هذا الشكل المسرحي لم يتعرف عليه المسرحيون العرب أثناء مهرجان الفجيرة للموندراما، عندما قرأت الممثلة الراحلة مها الصالح نص مسرحية شجرة الدر، وكان ذلك بمثابة الصدمة للجميع. واقترح عسيري على المسرحيين في السعودية ممارسة التجريب المسرحي متمثلاً بمسرح القراءة، لعل ذلك يكون رافداً في تنويع الإنتاج المسرحي المحلي، الذي يغلب عليه التقليد والتكرار.