قد لا يعلم العديد من القرَّاء أنّ الكتاب الصادر عن الأندية الأدبية في المملكة هو كتاب مدعوم من وزارة الثقافة والإعلام ولذا ينبغي أن يكون سعره أقلّ من مثيله الذي يصدر عبر دور نشر تجارية ولا يبدو أنّ هذه المعلومة غائبة عن عامة الناس وحسب، بل على بعض العاملين في الأندية الأدبية، خاصة تلك التي تطبع كتبها خارج المملكه بحجة الانتشار.. (اليوم) وبعد انتهاء معرض الرياض للكتاب الذي رصدت من خلاله تلك الظاهرة استطلعت رأي البعض من رؤساء الأندية الأدبية و أصحاب دور النشر وأكَّد البعض على ضرورة أن يكون سعر الكتاب الصادر عن الأندية أقل من غيره إلا أن الفكرة ليست محلّ إجماع على ما يبدو..فثمة أفكار مختلفة طالعتنا لدى مناقشة أسعار إصدارات الأندية والعوامل التي تتحكم في تلك الأسعار. الخارجي والمحلي يرى الكاتب والناشر مشاري العفالق أنّ المشكلة ليست محصورة في الأسعار بل هي أعمق منها، « فبعض الكتب التي تطبعها الأندية غير قابلة للتسويق بسبب رداءة الإخراج وهي تعدّ أغلى من قيمتها الفعلية لهذا السبب، وربما يرى أصحاب الأندية أن المعرض فرصة نادرة للتسويق لعدم وجود مسوّق لهم، لذلك يصرُّون على سعر مرتفع». ويضيف العفالق أن للمشكلة شقّ آخر هو عدم وجود مختصين لتقييم وتسعير الكتب في الأندية « فقد تقوم الأندية بتسعير الكتاب دون آلية واضحة بناءً على قيمته الأدبية ودون النظر اشتراطات السوق وإمكانية تسويقه لدى الجماهير «واعتبر العفالق أسعار الكتب الصادرة عن الأندية غير مناسبة إذا كانت لا تطرح كتبها عبر نقاط البيع لعدم وجود تكلفة التوزيع، فإبمكانهم تخفيض السعر إلى النصف. ودعا العفالق إلى أنّ لا تكون مهمة النادي الطباعة والتوزيع وأن ينحصر جهده في استقطاب المؤلفين وتشجيعهم على النشر، وأن يعهد بمهمّة الطباعة والنشر إلى دور النشر ذات الاختصاص. وانتقد العفالق طباعة كتب الأندية الأدبية لدى دور الطباعة والنشر الأجنبية معتبراً أنّ اتخاذ هذه الخطوة كان من أجل خفض التكاليف لكن هذا الغرض لم يتحقق فإما أن تكون الأسعار مرتفعة وإما أن تقوم الدار الحريصة على الربح بتخفيض جودة الكتاب. وطالب العفالق برفع الظلم عن المؤلّف السعودي الذي يتعرّض كتابه للأهمال « إما بسبب عدم توزيع الأندية، أو بسبب الاتفاق مع دور نشر أجنبية لا يمكن إلزامها بالنشر في الخارج وليس لديها ما يكفي من نقاط التوزيع في الداخل، معتبراً أنّ الحل يكمن في العمل مع دور النشر المحلية على طباعة وتوزيع هذه الكتب . الربح و الخسارة وقال الكاتب عبد الرحمن اللحيدان عضو مجلس إدارة نادي حائل الأدبي والمسؤول عن جناح النادي في معرض الرياض أنّ النادي أوقف تعاونه مع الدار الأجنبية لأن توزيع النادي للكتب بنفسه أكثر فائدة للنادي من جهة، وهو يقلل من تكلفة الكتاب على المواطن من جهة أخرى، « أما الدار الأجنبية فلا ضابط ولا قيود عليها إن أرادت أن تطبع المزيد وتبيع، فهي داخلة في الربح خارجة من الخسارة إذا لم يُبَع الكتاب». ويؤيد اللحيدان فكرة الطبع والنشر الداخلي، وأن يتم التعاون بين الأندية في الطباعة لخفض أسعار الكتب. ويؤكد أنّ توزيع النادي أفضل له وللقارئ « فالنادي مثلاً أصدر كتاب (تغنّي الأرض) وهو دراسة للناقد أحمد الواصل، وقد باعه النادي في معرض الرياض ب 25 ريالاً في حين كانت الدار تبيعه في نفس المعرض ب 35 ريالاً» مؤكِّداً تميّز النادي ورغبته في تشجيع القراءة من خلال توزيع قصص الأطفال على الآباء مجاني وعمل الخصومات للمجموعات. واعترض اللحيدان على فكرة أنّ الدعم الحكومي يوجب المزيد من تقليل قيمة الكتاب قائلاً إن الميزانية تتوزع على الرواتب والفعاليات وطباعة المجلات والكثير من الأمور وليست للطباعة وحدها « ولا يوجد دعم للطباعة وحدها والدليل أن الأندية تتفاوت في كمية ما تطبعه دون أن يحاسبها أحد «. مبالغة غير معقولة ويرى الكاتب والناشر عادل الحوشان أن بعض دور النشر تبالغ في الأسعار بشكل غير معقول، أما كتب الأندية فيفترض أن تباع بأسعار رمزية لأنها مدعومة من وزارة الثقافة والإعلام فلا مبرر للمبالغة والمفترض ان تكون أقلّ من سعر السوق. غياب الآلية أما الدكتور ظافر الشهري رئيس مجلس إدارة أدبي الأحساء فقال « إنّ مشاركة ناديه بمعرض الرياض لم تكن عن طريق دار نشر متخصصة داخلية أو خارجية بل من خلال مشاركة مباشرة ولهذا السبب فقد كانت الكتب تباع بأسعار رمزية تصل إلى عشرة ريالات، وكتاب ضخم هو معجم شعراء الأحساء كان يباع بعشرين ريالاً، لأن القصد كان المشاركة وليس الكسب». وأضاف « لا أظنّ أنّ الأندية الأدبية ستجني أمولاً طائلة من خلال المطبوعات لأنها تقدّم جزءاً كبيراً منها كهدايا للكتاب والمثقفين دون مقابل، ولكني أتفق معك في عدم وجود آلية مشتركة بين الأندية لبيع وتسويق إصداراتها، وهنا يأتي التفاوت بين ناد وآخر». أقلّ من التكلفة واستغرب الدكتور عبد الله الوشمي الحديث عن أسعار مرتفعة لمطبوعات الأندية الأدبية إلا أنه أوضح أن الكتاب كان يباع في معرض الرياض بأقلّ من سعر التكلفة « فهل المطلوب أن يوزّع مجاناً؟ « نحن نبيع الكتاب بعشرة ريالات فيما تبيعه دار النشر البيروتية ب 40 ريالاً» وحول سؤالنا له عن هذا التفاوت الكبير بين السعرين أجاب أن الدار هي الكفيلة بالحديث عن نفسها.