بدأت التوترات قبل عدة أشهر بنظرات ريبة من الجيران.. بعد ذلك تحول الامر الى تهديدات ثم هشمت سيارتهم وكتبت عبارات طائفية مسيئة على بابهم. في ذلك الحين قال مالك العقار ان الوقت حان لرحيل عائلة خالد السنية عن حي كرم اللوز الذي تسكنه أغلبية علوية في مدينة حمص وهي المدينة التي دمرت فيها العلاقات الطائفية بعد 11 شهرا من الانتفاضة ضد حكم الرئيس السوري بشار الاسد. قال خالد الذي كانت أسرته الفقيرة المكونة من سبعة أفراد تعيش في هذا الحي منذ 15 عاما وحتى الشهر الماضي : عندما فررنا.. كنا نعامل كمجرمين... حمص ضحية للثورة السورية. وأذكى القصف والقتل والخطف الغضب والخوف بين الاغلبية السنية والاقلية العلوية ما دفع السكان الى الفرار واللجوء الى مجموعات من نفس طائفتهم. وقال خالد في مكالمة هاتفية من حمص :من الان فصاعدا لن نحاول أبدا أن نعيش في منطقة خارج أحيائنا. وشأن خالد شأن كل السكان الذين أجرت معهم رويترز مقابلات فقد طلب عدم نشر اسم عائلته خوفا على سلامته الشخصية. وكان سكان حمص يتجاهلون أو على الاقل لا يتحدثون جهرا عن الاختلافات الطائفية لكن قادة الانتفاضة ضد حكم عائلة الاسد العلوية الذي استمر أكثر من 40 عاما هم من السنة مما جعل التوترات التي ظلت خافية لزمن طويل تظهر على السطح. ويشعر الكثير من السنة بالريبة تجاه العلويين. وكانت عائلة الاسد تمنح العلويين أغلب المناصب القيادية ما منح الطائفة نفوذا لا يتناسب مع عدد أفرادها الذين يمثلون نحو عشرة في المائة من السكان. ويخشى العلويون من أنهم سيصبحون لا محالة هدفا لغضب السنة أيا كانت المواقف التي يتخذونها. يشعر أبو أحمد وهو علوي بنفس مخاوف خالد السني فيما يتعلق بالعيش وسط طائفة أخرى غير التي ينتمي لها. فر من حمص متوجها الى ميناء طرطوس حيث يمثل العلويون أغلبية. كان أبو احمد وهو متزوج من سنية ولديه طفلان رجل أعمال ثريا يعيش في حي الانشاءات الذي كان حيا للاثرياء تسكنه أغلبية سنية في حمص. أغلق مطعمه ومصنع الرخام بسبب الاضطرابات وغادر المنطقة قبل عدة أشهر عندما تلقى تهديدات عبر البريد الالكتروني وتحذيرات مكتوبة كانت توضع تحت باب منزله. ومضى يقول :علاقتي بزوجتي طيبة.. لكن من أجل طفلي كان من الافضل أن أتزوج من علوية. ويقول سكان ان الاحياء الواقعة بين مناطق السنة والعلويين تشبه مدن الاشباح. وفر عابد الى دمشق مع أبويه واخوته الاربعة قبل نحو شهر, وقال :كان الوضع سيئا للغاية لدرجة أننا بدأنا ننام في الردهات لاننا كنا نخاف جدا من احتمال اطلاق النار علينا من نوافذ غرفنا.. هكذا قتل جارنا... كنا نرى القناصة وهم يسيرون على الاسطح في الشارع وكان هذا يروعنا.وقال عابد انهم كانوا يهددون والديه ويفحصون أجهزة الكمبيوتر لمعرفة ما اذا كان أي شخص يبحث في محركات البحث عن كلمات منها بشار وشهيد وثورة. وقال عابد :أعتقد أن نصف السكان في الاحياء السنية المجاورة تركوا المكان... كان كل ما يمكننا أخذه معنا هو الملابس وكنا من المحظوظين... فمن لا يملكون شيئا مضطرون للبقاء والمكوث في منازلهم.