لا يختلف اثنان أن الخيال عالم ممتع، وجميل تئرز إليه أفكار كل مبدع يؤمن بأن لا مستحيل على هذه المعمورة ، أو صعب المنال . وبنفس الوقت هو عالم لطيف ، ومسلٍّ يجوز للبشر قاطبة أن يمارسوا رياضة التسلي في عالمه الخصب ؛ فيسمحوا لأمانيهم أن تتحرر من قبضة الواقع الجامد لتنطلق نحو هذا العالم المثالي المتحرك .. لذا تعالوا نسمح لأنفسنا أن نلعب سويا لعبة (تخيلوا لو) لربما نكسبها هذه المرّة . تخيلوا لو أن المولود السعودي مذ يستنشق أول أنفاس الحياة يحظى بجدول زمني يستحق من خلاله نيل حقوقه التعليمية ، والوظيفية ، والسكنية . بلغة أخرى التخطيط المسبق والدقيق جدا لمستقبل كل فرد بعينه منذ ولادته حسب متطلبات مراحل حياته كلها لتسقط تلك المتطلبات فور وفاته لا قدر الله كي لا يكون مستقبله شاغرا بدونه. تخيلوا لو أن الدولة طورت في كل مدينة ، ومحافظة مخططات سكنية تقيم عليها وحدات سكنية تكفي لقاطني تلك البقاع ثم تمنحها لكل مواطن متزوج ، أو أرملة ، ومطلقة تعول أولادها . تخيلوا لو أن الدولة في المرحلة الحالية استحدثت مكافأة شهرية مقطوعة تُصرف للعاطلين الذين لم يحظوا بعد بعمل ؛ ثم تهبّ مسرعة بتأمين وظائف لهم في مدة لا تتجاوز اثني عشر شهرا فقط . تخيلوا لو أن أيام زمان رجعت فرجعت معها فواتير الكهرباء ، والماء ، والهاتف مجانا لكل بيت ، ومواطن . وأصبحت ضروريات الحياة كالغذاء مثلا مدعومة من قبل الدولة. تخيلوا لو أن هناك سقفا زمنيا لا يتجاوز سُنيهاتٍ ثمان لكل وزيرٍ خدمي مبدع ، أو مدير إدارة متقن يخلفه بعد ذلك مبدع آخر يفوق إبداعا ، ويتجاوز اتقانا. تخيلوا لو أن كل موظف على رأس وزارة ، أو إدارة ، أو ضمن كادر يأمر ، وينهى في الأمور المالية وقبل أن يعلو كرسي وظيفته يضمّن ملفه الوظيفي كشوفات حساباته ، ومدخراته كي يكون صفحة مقروءة تصبح دليلا له ، أو عليه . تخيلوا لو أن كل وزير ، ومسئول احتفظ بمشالحه باهظة الثمن في صندوق ملابسه وترجل من كرسي مكتبه نحو مسئولياته في الشارع ، واهتم بها اهتمامه لهندامه. تخيلوا لو أننا استيقظنا يوما على خبر عاجل مفاده بعد قليل ستذاع وقائع: (التحقيق مع مسئول كبير خان الأمانة ، أو قصر في الأداء يليها الإعلان عن العقوبات الصارمة ضده ، وفي حقه). أخيرا تخيلوا لو أن المسئولين لعبوا معنا لعبة الخيال هذه بكل ما أوتوا من قوة الخيال.. يقينا أننا سنسبق ، وننجح . ونزدهر ، ونستقرّ .. دمتم بخير.