بخروج ريكس تيلرسون مغادرا وزارة الخارجية ودخول مايك بومبيو، لا احد يعرف كم من الوقت يبقى في منصبه، ومع ذلك فدونالد ترامب لديه كامل الحق، مثل كل رئيس سبقه وكل رئيس يأتي من بعده، أن يختار من الرجال والنساء من يخدمون ادارته، كما من حقه أن يوظف في حكومته فقط اولئك الذين لديهم قناعة تامة بسياسته، كذا يفعل الرئيس دائما. فلا أحد يقبل احتضان افعى في قميصه. لم يكن ريكس تيلرسون أفعى بالطبع، لكنه لم يكن مؤمنا حقيقيا بما يفعله رئيسه، ولم يتظاهر بذلك قط. وبحسب «ذي هيل»، فلقد كان تيلرسون احد ثلاثة اخذوا على عاتقهم القيام باقصى ما يستطيعون لكبح جماح الرئيس، وظل يعمل ووزير الدفاع جيم ماتيس وأحيانا مع ماكماستر مستشار الرئيس للامن القومي لجعل الامور تمشي في مسارها، فالرئيس افلح في اختياره ضمن مجموعة من أفضل الضباط الذين اخلصوا لجعل مهمته تبدو اكثر سهولة. وبدا الرئيس واثقا من قدراته. وقال مسؤول في ادارة ترامب لصحيفة نيويورك تايمز: إن الرئيس يعاني احباطا متزايدا بسبب «محاصرته» باثنين من أهم مستشاريه للأمن القومي، فهو يريد أن يكون صارماً في التعامل مع إيران ومع كوريا الشمالية، ولكن تيلرسون وماتيس ليسا على اتفاق حول كيفية القيام بذلك، ولعل الرئيس عبر عن ما يريد بقوله: «عندما تنظر إلى الصفقة الإيرانية ستجد الأمر فظيعا، لكني اعتقد أن السيد تيلرسون يرى ان لا غبار عليها، لقد كنت أرغب إما في الغائها او القيام بشيء ما». في المقابل أظهر بومبيو، عندما كان عضوا في مجلس النواب، تشكيكاً قوياً في صفقة باراك اوباما النووية مع إيران. ومع تكشف التفاصيل الخبيثة ببطء صار واضحا أن صفقة مثل هذه لا يمكن ان تتم الا اذا كانت من فعل رئيس مكرس للقيادة من الخلف. وبومبيو ايضا على توافق تام مع تعهد ترامب بجعل مصالح امريكا اولا اثناء تعاملها مع الدول التي تضع هي الاخرى مصالحها اولا، لكنه لن يقول ذلك بنفس اللغة البسيطة التي يتكلمها عامة الناس. وبانتقال بومبيو من وكالة المخابرات لوزارة الخارجية -وفقا ل«واشنطن بوست»- يكون الرئيس قد اختار الرجل الذي يمثل وجهة نظره في المناقشات الحالية بشأن صفقة ايران، فبتعامله بطريقة صارمة في هذا الموضوع يستطيع مايك المساعدة في تحويل خطاب حملة الرئيس الانتخابية الى واقع، وسيعرف الأمريكيون أن الرجل الذي في البيت الأبيض قد اختار فريقا مصمما على الكفاح من أجل مصالحهم. من جانبه قال الرئيس ترامب للصحفيين عن وزير خارجيته الجديد: «لقد كانت بيننا كيمياء (توافق) جيدة جدا منذ البداية»، وبالطبع فان توفر مثل هذه الكيمياء يعتبر أمرا حاسما على المسرح العالمي بين الرئيس ورجله الاول. أما بالنسبة للاوروبيين فسيكون هناك ذلك بمثابة منحنى تعلم حاسما.