هدد الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالامتناع عن المصادقة على قانون الموازنة لتمويل الحكومة الفيديرالية، الذي أقرّه الكونغرس، بذريعة أنه لا يشمل تسوية في شأن الهجرة، فيما اثار تعيينه جون بولتون مستشاراً للامن القومي في البيت الابيض، خلفاً للجنرال هربرت ماكماستر، مخاوف في الولاياتالمتحدة والعالم، إذ إنه شخصية مثيرة للانقسام، ويؤيّد سياسات متشددة إزاء ايرانوكوريا الشماليةوالصينوروسيا، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية مع بيونغيانغ وطهران. وتطرّق ترامب إلى برنامج «داكا» الذي أطلقه سلفه باراك أوباما، ويتيح اقامة موقتة للشباب الذين دخلوا الولاياتالمتحدة مع أهاليهم في شكل غير شرعي، عندما كانوا أطفالاً، وأبطل الرئيس الجمهوري العمل به. كما أشار إلى مشروعه لتشييد جدار اسمنتي على الحدود مع المكسيك، كان طلب له 25 بليون دولار في الموازنة. لكن لم يُقر سوى 1.6 بليون دولار لتشييد سياجات وترميمها، مع منع تشييد أي بناء لا يشابه ما هو موجود أصلاً، بإصرار من الديموقراطيين. وكتب ترامب على موقع «تويتر»: «أدرس استخدام فيتو على قانون النفقات، لأن أكثر من 800 الف شخص من المستفيدين من برنامج داكا تخلّى عنهم الديموقراطيون تماماً (لم يُذكروا حتى في القانون)، وجدار الحدود الذي نحتاج اليه بشدة لضمان دفاعنا الوطني لم يحظَ بتمويل كامل». أتى ذلك بعد ساعات على نشر ترامب تغريدة ورد فيها: «حصلت على 1.6 بليون دولار لبدء (تشييد) الجدار على الحدود الجنوبية». ويشكل ذلك مفاجأة، اذ ان معظم أعضاء الكونغرس غادروا واشنطن لتمضية عطلة من أسبوعين. كما أن تهديده يتناقض مع إعلان البيت الأبيض أن الرئيس سيوقّع مشروع القانون. وإذا لم يُقرّ ترامب القانون بحلول ليل الجمعة - السبت، فستصبح الحكومة الفيديرالية بلا تمويل وستُضطر الى الاغلاق، في ثالث إجراء مشابه هذا العام. بولتون إلى ذلك، أعلن البيت الأبيض إن ترامب وماكماستر «اتفقا» على تنحي الأخير. وكتب ترامب على «تويتر»: «يسعدني أن أعلن ان جون بولتون سيكون مستشاري الجديد للامن القومي، منذ 9 نيسان (ابريل) 2018». وأشاد ب «عمل استثنائي» أجراه ماكماستر، مؤكداً أنه سيبقى «صديقه». وعلّق بولتون على تعيينه قائلاً: «لم أكن أتوقع الإعلان، لكنه شرف كبير لي بالتأكيد. لديّ آرائي وسأعرضها على الرئيس». ودافع عن ضرورة ان يتمكّن الرئيس من «تبادل الافكار بحرية» مع مستشاريه. وبات بولتون ثالث مستشار للأمن القومي لترامب، بعد الجنرالين ماكماستر ومايكل فلين، وأتى تعيينه بعد ايام على إقالة وزير الخارجية ريكس تيلرسون واستبداله بمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) مايك بومبيو. وودّع تيلرسون موظفي الوزارة، قائلاً لهم، في اشارة الى واشنطن: «قد تكون هذه مدينة بروح شريرة جداً، لكنكم لستم ملزمين اتباع هذه النصيحة. كلّ منا يختار الشخصية التي يريد أن يكون عليها، والطريقة التي يريد التعامل معنا بها والتي سنعامل بها الآخرين». ويُكمل تعيين بولتون وبومبيو حلقة من متشددين في البيت الأبيض، قبل البتّ في ملفات ساخنة، بينها الاتفاق النووي الإيراني والقمة المرتقبة بين ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، والعلاقات مع الصينوروسيا. وعكس وزيرَي الدفاع والخارجية، لا يحتاج مستشار الامن القومي الى تصويت في مجلس الشيوخ على تثبيت تعيينه. وتميّز بولتون (69 عاماً) باستفزازاته، خلال عمله مندوباً للولايات المتحدة لدى الأممالمتحدة في نيويورك، وكان واحداً من «صقور» ادارة الرئيس السابق جورج بوش الابن، ومؤيّداً لغزو العراق عام 2003. كما يدعو الى استخدام الردع النووي الكلاسيكي ضد كوريا الشمالية، وتشديد العقوبات على روسيا، ويتساءل عن الحكمة من تأييد مبدأ «صين واحدة». وأثار تعيين بولتون ردود فعل متضاربة، اذ اعتبر السيناتور الجمهوري لي زيلدين انه «يتمتع بمؤهلات استثنائية» لشغل المنصب، كما رأى السيناتور الجمهوري ليندساي غراهام في الأمر «نبأ ساراً لحلفاء أميركا، ونذير شؤم لأعدائها». لكن آرون ديفيد ميلر، وهو ديبلوماسي أميركي سابق، نبّه إلى أن تعيين بولتون سيجعل «فريق ترامب للسياسة الخارجية الأكثر تشدداً وأيديولوجية والأقل براغماتية في الذاكرة الحديثة، في وقت تتطلّب فيه التحديات على الساحة الدولية حزماً، ولكن أيضاً مرونة وبراغماتية».