غيرة الابن الأول تختلف عن غيرة الابن الأوسط، عن غيرة الابن الثاني، فالأول تبدأ الغيرة عنده عندما يأتى للعائلة طفل جديد، فيشعر الأول بأن الثاني سيأخذ كل الاهتمام والحقوق المخصصة له، أما الابن الأوسط فتكون غيرته بسبب أنه لم يصبح الطفل الصغير بالأسرة، كما أنه لم يأخذ اهتمام الصغير ولا الكبير الذي يساعده والداه في الواجبات المدرسية، أما الابن الثاني فتكون غيرته بسبب أن أخاه الأكبر له ميزات لأنه دخل المدرسة قبله. فالغيرة شعور طبيعي بين الإخوة وتكون في الغالب بسبب حاجة عند الطفل، وعلاجها يكون بأمور بسيطة ولكنها تأخذ وقتا طويلا، فالابن الأول علاجه بتقديم والديه له الحب من غير مقابل، وعدم مطالبته بالمثالية وإقناعه بأنهما يحبانه بنفس حبهما لأخيه، ومن الأفكار الذكية في العلاج مشاهدته لصوره وهو صغير ليتأكد أنه كان يعطى نفس الاهتمام والحب، أما الابن الأوسط فعلاج غيرته يكون بتشجيعه بمشاركة أخيه الأصغر أو الأكبر في أنشطتهما حتى لا يشعر بالوحدة، ونسأله عن رأيه ونعطيه اهتماما خاصا ونلفت نظره إلى ما يميزه حتى لا يشعر أنه ضائع بين الاثنين فيبتعد عن التقليد أو المقارنة، أما الابن الثاني فعلاج غيرته تكون بأن نشجعه على نجاحاته ونحتفل بها ونخبره بأنه لما يصبح بنفس عمر أخيه الكبير سيعمل مثل أنشطته. فالغيرة عادة تبدأ عند الطفل من عمر سنتين وتستمر لعمر ست سنوات حتى يتعلم الطفل كيف يتعامل مع مشاعره، والطفل الغيور لا بد أن نشجعه ببعض المسؤوليات وعمل بعض المهام للمولود الجديد ونعلمه كذلك حب المشاركة ومراعاة مشاعر الآخرين، وهذه التربية تأخذ وقتا طويلا في العادة لأن الغيرة شعور مختلط بين القلق والغضب والحزن، وهي لا تعالج سريعا كما أنها لا تعالج بالغضب، وإنما بفهم وتقدير الصفات الطفولية التي يقوم بها الطفل الغيور، وفي حالة عدم معالجة الغيرة فإنها تتحول لسلوك عدواني أو انسحابي من الطفل الغيور مع إخوته كما حصل في إخوة يوسف عليه السلام عندما تآمروا على أخيهم وكان بدافع الغيرة فرموه بالجب وهذا سلوك عدواني، وغالبا ما يتم الخلط بين الحسد والغيرة ولكنهما خلقان مختلفان، فالحسد هو الرغبة في الحصول على شيء من حق شخص آخر، بينما الغيرة هي الرغبة في الحصول على الحقوق الشخصية للآخرين. وقوة الغيرة وضعفها تعتمد على شخصية الطفل ومدى حساسيته وتوتره وقوته، لأن فارق العمر يؤجج روح التنافس بين الإخوة، فإذا حدثت مشكلة بين الإخوة فعلى الوالدين أن يستمعا لهما ولا يستعجلا بالحكم أو الوصف بالغيرة لأحدهما، ونشجعهما بأن يفكرا في الحل للمشكلة، ومن التصرفات التي تزيد الغيرة وتشعلها (الحماية الزائدة والخوف الزائد والدلع الزائد وعدم العدل بين الأبناء والمقارنة والمنافسة والسيطرة على أحد الأبناء) فهذه سبعة أسباب تؤجج الغيرة وتزيدها بين الإخوة. وهناك أفكار إضافية وذكية لعلاج الغيرة وهي تقوية العلاقة بين المربي والطفل الغيور واستخراج المشاعر الخفية بالصراحة والابتعاد عن المقارنة والتركيز على الصفات المميزة لكل طفل، وأهم قرار هو عدم تجاهل الغيرة وتركها من غير علاج ونظن أنها تذهب مع الوقت، ولكن لا بد من مواجهتها وعلاجها وتجهيز الأبناء نفسيا للأسباب المتوقعة للغيرة. كما أن الغيرة ليست فقط بين الإخوة فهناك غيرة الآباء من الأبناء مثل غيرة الأب من ابنه عندما تكون علاقته قوية بأمه أو غيرة الأم من بنتها عندما تكون علاقتها قوية مع والدها وخاصة بعد سن المراهقة، وغيرة الأم من ابنتها عندما تتزين ويطلبها الرجال للزواج وتجاوز الأم سن الأربعين، فالغيرة موضوع كبير وفيه تفاصيل كثيرة ولكن المهم أننا نحسن علاج الغيرة عندما نكتشفها.