أكد الفائز بجائزة السنوسي للشعر العربي التي اختتمت الاحد الماضي بجازان الشاعر عبدالله بيلا أن الحالة الشعرية في كل نص هي من تحكم الكاتب، فيما تتعدد فضاءات الكتابة بتعدد الحالات، حيث يمكن لأي حالة من تلك الحالات أن تكون أقدر على نسج نص شعري جميل. وقال خلال حواره مع «اليوم» إن الجائزة تمثل إضافة ممتازة للوسط الإبداعي ودفعة معنوية مهمة لتطوير المبدع والإشادة به والشد على يد تجربته. ■ما تأثير جائزة السنوسي على تجربتك الشعرية؟ * جائزة السنوسي الشعرية هي بلا شك إضافة مهمة جدا لتجربتي الشعرية، وهي بمثابة شهادة نقدية أعتز بها كثيرا، خاصة أنها تصدر عن مسابقة مشهود لها بالصدقية والحياد، وما أرجوه أن يكون تأثير هذا الفوز بالمسابقة إيجابيا من حيث زيادة مساحات الاطلاع والقراءة والمعرفة، وتطوير أدوات تجربتي الشعرية قدر الإمكان. ■ كيف ترى الجوائز العربية المخصصة للإبداع والجدل الذى يدور حولها؟، وهل يكتب المبدع من أجل جائزة؟ * كل جائزة مخصصة لحقل من حقول الإبداع، هي إضافة ممتازة للوسط الإبداعي، ودفعة معنوية مهمة لتطوير المبدع والإشادة به والشد على يد تجربته، شرط أن تتحلى تلك الجوائز بالقدر المعقول من المصداقية والحياد، والتقييم الموضوعي للمشاركات، ولا أظن أن هناك مبدعا يكتب من تلقاء نفسه من أجل الجوائز فقط، ولكن تأتي الجوائز كشاهد على إبداع المبدع وليس كمحفز أساسي له على الخلق والإبداع. ■ قلت إن مجموعة «صباح مرمم بالنجوم» تمثل تجربة مختلفة في سياقها الزمني والفكري كيف ذلك؟ * أظن أن اختلاف تجربتي في تلك المجموعة عائد إلى كون جُل نصوصها قد توالدت في أجواء متقاربة، وقد حملت بشكل فكري الكثير من الاستفهامات الوجودية، والمضامين الفلسفية التي أصبحت أكثر اقتناعا بها، وأترك أمر تقييم التجربة لأهل الاختصاص، مع إيماني بأنها مرحلة تستحق أن أتجاوزها إلى ما هو أبعد. ■ أين تجد نفسك بين القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة والمقالة الأدبية؟ * أجد نفسي دائما حيث أتوقف، وعادة لا أطيق التوقف لأنه شكل من أشكال الفناء والاستسلام والانمحاء، كل أشكال الكتابة أوعية متاحة للمبدع ويستطيع فيها ممارسة إبداعه متى ما توافرت له آلات الإبداع. ■ ما تأثير «الاغتراب المكاني والزماني» في تجربتك الشعرية؟ * كل مبدع هو كائن مغترب، ذلك لأن الإبداع حالة من الانخطاف والذهول عن الواقع، وهنا تكمن غربة المكان، أما غربة الزمان فتكمن في الانفصال الزمني للدخول في لحظة إبداعية خارج إطار الزمن، وأزعم بأنني أحاول أن أعيش اغترابي بشقيه الروحي والإبداعي، لأخرج بالتعبير عن لحظة شعرية تنبع من الذات لتصب في الذات. ■ ما درة المنجز الأدبي الإلكتروني على كسر حاجز الزمن وتحقيق الانتشار؟ * في هذا الزمن أظن أن المنجز الالكتروني قد أصبح أكثر توغلا وتغولا في حياتنا اليومية، وقد أثبت قدرته على كسر حدود الزمان والمكان، ليصل بالمعلومة وبأبسط الأدوات المتاحة إلى العالم كله. ■ اشتغلت قصائدك في محيط ثلاثة فضاءات فنية مؤثرة بصري ولغوي وإيقاعي أيها أكثر تأثيرا ويزيد من شعرية القصيدة وجماليتها؟ * أظن أن الحالة الشعرية في كل نص هي مَنْ تحكم الكاتب، وفضاءات الكتابة تتعدد بتعدد الحالات، ويمكن لأي حالة من تلك الحالات أن تكون أقدر على نسج نص شعري جميل، متى ما توافر عامل النضج والاشتغال الجاد على التجربة. ■ هل تعتقد أن دراسة التراث الشعري ضرورة أساسية للشاعر أم أنها من اختصاص النقاد والدارسين فقط؟ * أظن أننا إذا استطعنا تجاوز مرحلة الصراع الفكري بين دعاة ورعاة الشعر الكلاسيكي المتعصبين له، وأولئك الذين يقفون في الجهة المقابلة المتعصبة للنثر الشعري، متى ما استطعنا أن نتجاوز تلك المرحلة ونعترف بتجاور الأشكال الشعرية، فإننا لن نكون بحاجة إلى طرح هذا السؤال، عندها سيكون احتكامنا للنص الشعري بعيدا عن خلفيات الكاتب وأمداء اطلاعاته. ■ كيف ترى دور المؤسسات الثقافية الرسمية في الشعر العربي؟ * كل مؤسسة ثقافية رسمية لها رعاتها وأفكارها وتصوراتها بخصوص الأدب والثقافة والشعر تحديدا، ولذلك فهناك أدوار منوطة بهذه المؤسسات والقيمة الحقيقية تكمن في مقدرتها على العمل بشكل خلاق يتيح لأشكال الأدب المتعددة فرصتها في الحضور والتشكل بجرعات أكثر من الوعي والحرية.