استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي أستاذ السرديات بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة د. حسن النعمي، للحديث عن «العلاقة بين الشعر والسرد.. قراءة ثقافية» في الندوة التي أدارها الشاعر فريد النمر. وبدأ د. النعمي ورقته بالقول: إن العلاقة بين الشعر والسرد في تراثنا العربي علاقةٌ مرتبكةٌ لأبعاد ثلاثة متداخلة دينية، وسياسية، وثقافية. وأضاف: حظي الشعر بأفضلية النوع على السرد، حيث إن المشكلة هي في الوعي الثقافي من ناحية، وتغليب نوعٍ على آخر من ناحيةٍ أخرى، ومن ثمَّ فإن تداخلهما الفني قائمٌ، وأما تجاورهما الثقافي فيبقى محلَّ تساؤلٍ، وهو ما يجعلنا نستفهم: لماذا يكون ربع القرآن من القصص، وإقصاؤه للشعر، ما يدل عن حالة الصراع التي خاضها القرآن مع قيمٍ ثقافيةٍ سائدةٍ. وتناول النعمي مسألة انصراف العرب عن السرد رغم انتصار القرآن للقصة، ففي المسار الديني، ظهرت خطورة القص في لحظة بدء جمع الحديث الشريف؛ الذي تزامن مع تكاثر القصاص في العصر الأموي، وأوائل العصر العباسي، فقد كثر الوعَّاظ والمذكِّرون الذين كانوا يستخدمون القصص في الترغيب والترهيب بأحاديث موضوعةٍ في الغالب، مما حمل الخلفاء والفقهاء على التصدي لهذه الظاهرة. وواصل موضحا أن خطابنا الثقافي كان منقسماً إلى خطابين متضادين: خطاب نخبوي، وآخر شعبويّ، احتضن الخطاب النخبوي الشعر، ووظَّفه لخدمة سياقاته السياسية والاجتماعية أما الخطاب الشعبوي فقد استغل الإمكانات السردية لمواجهة السلطة. وأكد النعمي، أننا يجب أن نحرِّر أمراً في غاية الأهمية، يضاف إلى إشكالية ازدواجية الخطاب الثقافي، وهذا الأمر يتعلق بالناحية المصطلحية، فإذا كان الشعر قد تحدد بمصطلحه قديماً وحديثاً، فإن السرد واجهه غياب المصطلح الذي يجمع شتات الفنون السردية تحت اسم جامع يحدد هويتها، مما أضعف من شخصيتها أمام الشعر. وتساءل الدكتور النعمي حول مسؤولية الدور النقدي الذي كرَّس اهتمامه بظاهرة الشعر شرحاً وتمحيصاً وتبويباً وتصنيفاً؟ وفي المقابل، ظلَّ الجهد السردي ينمو بعيداً عن دوائر التأثير الثقافي، فلم يدرس ولم يصنف ولم يبوب. وفي نهاية ورقته طرح د. النعمي ملاحظة هامة، متسائلا: ألا تلاحظون معي أن هناك علاقةً بين الانتصار والشعر، وعلاقةً أخرى بين السرد بالحضور، وتغذية الوجدان العام؛ الذي لم يعد للشعر فيه الدور الفاعل. بعد ذلك بدأت جولة المداخلات مع جبير المليحان الذي أثنى على نقد الثنائية مستشهداً بالشعر المقاوم بعد هزيمة 67 موعزاً على نمو الرواية لأسباب مختلفة غير الهزيمة.