من الأوصاف التي تصدُق، وتنطبق على الأزمة القطرية أنها أزمة المعادلات، فمنذ انطلاق هذه الأزمة وضعت الأطراف التي تقف في مواجهة الدوحة المعادلة الاولى كأسلوب يحكم الأزمة ويحدد جزءا كبيرا من مسارها، ومنطوق تلك المعادلة واضح ويتلخص في المقاطعة للنظام السياسي في قطر بصورة متصاعدة على عنصر الزمن، بمعنى أن المقاطعة التي اعلنت في حينها، يتوقع ان تتخذ اشكالا اكثر تصعيدا في المواقف، والتصرفات، وان هذا الاسلوب سيستمر لفترة زمنية تحرك الاوضاع في الدوحة باتجاه الاستجابة لمطالب شقيقاتها. التصريحات التي جاءت مؤخرا من مملكة البحرين أحد الاطراف الداعية إلى مكافحة الإرهاب والرافضة لسلوكيات الدوحة التي تهدد الكيانان الخليجية، هي أيضا مصاغة ضمنيا في شكل معادلة حيث جاءت تصريحات جلالة ملك البحرين بمعادلة مفادها أن اجتماعات القمم الخليجية هي اجتماعات خيرة للدول وللناس في المنطقة، والدوحة بما تكشف من سلوكياتها لا تضمر، ولا تسعى لتمثُل تلك الخيرية، إذن لا حضور بحريني للقمة. بمعنى لا قمة خليجية بدون حضور رشيد للدوحة. وجزئية الرشد المرجوة في الشقيقة الدوحة لحضور قمم المجلس واجتماعاته تأخذ صورا واحتمالات كثيرة. وزير خارجية مملكة البحرين الشيخ خالد بن أحمد هو ايضا لم يكن بعيدا عن سباق المعادلات في ضوء الأزمة القطرية. حيث جاءت تصريحاته صريحة، وواضحة، وداعية إلى تجميد العضوية القطرية في المجلس كأسلوب أمثل للحفاظ على المجلس وأمن دوله، وشعوبه، بمعنى أن معادلته بنيت على إبعاد الجانب القطري من هذه المنظومة السياسية الاقتصادية الأمنية، كنتيجة لعدم الاستجابة القطرية مع المعادلة الأولى والرئيسة. ما يحدث حول أزمة قطر يصفه مراقبون بأنه تطور لافت، والبعض وصفه بغير المتوقع، والأهم في رأي آخرين في كل ذلك الاسئلة التي تولدت من الخلاف الذي يتطور من الحالات البينية بين الدول والوحدات السياسية الخليجية، إلى حالة تطال التنظيمات التي تجمع هذه الدول، وأولها كيان مجلس التعاون. هذا التطور يعيد ترتيب المواقف بين الدول الاعضاء وربما يغير من آلية التعاطي التي شهدتها الاشهر الماضية، بمعنى أن الخلاف بتقدمه إلى هذه النقطة أصبح هناك انتظار لرأي وربما موقف من كل الاطراف حول ما يجري، أول الأطراف المطالبة بالتحرك وبيان موقفها، الدوحة. وهنا يجدر التوقف عند احتمالات الاستجابة القطرية هل ستنظر الدوحة لهذا التطور على انه خطر يهدد المنظومة الخليجية ويهدد امن قطر بالضرورة وستبحث عن حل يتفادى ذلك بمعنى أن تستجيب للمعادلة الاولية، التي أصبحت نقطة لا رجعة عنها للدول الاخرى، أم تستعذب الدوحة مقولات الحصار، والعزلة وتستمر في خطابات للداخل، وأخرى للإقليم، وثاثلة للعالم. الطرف الثاني في هذه المرحلة الذي ينتظر منه موقف ما يحدد إلى أين يضع ثقله لمصلحة المجموع، أم لخيارات أخرى يمتزج فيها الفهم الداخلي بالخارجي ولا يبتعد عن الرؤى التقليدية للمجلس، ولنوايا أطرافه، هذا الموقف الصعب، والمحرج يُنتظر في اغلب التقديرات من الشقيقتين الكويت، وعُمان.