قصص الكفاح والنجاح كثيرة، ولا يمكن للمعوقات أن تشكل عائقا إذا وجدت العزيمة والرغبة وحفت بالإرادة والإصرار والأمل. في هذه المقالة سأتحدث عن زميلتي المكافحة والتي أجدها بنظري ناجحة وأعتز بنجاحها وأسعد كثيرا عندما أجدها تتقدم وتسبق الخطوة بخطوة. وفاء الفيفي من جبال فيفاء، زوجة وأم ل3 أطفال، ورفيقة من رفيقات الدراسة والتخصص، بعد التخرج توجهت أنا لمزاولة مهنتي التي أحبها في الصحافة، وهي توجهت إلى تكوين مشروعها الخاص في العمل الحر بفتح متجرها الخاص ببيع «الحلويات والجاتوهات» واطلقت عليه اسم «فيفاء قاتوه». وفاء، ورغم إعاقتها السمعية إلا أنها تمكنت من تجاوز مرحلة التخرج وإثبات قدرتها العلمية بحصولها على الشهادة الجامعية. أتذكر عندما كنا في الجامعة لم أكن كثيرة الاختلاط بها بل كانت تجمعنا المحاضرات وكنت أراقبها عن بعد دون اقتراب، ولكن مع الوقت بدأنا نلتقي في السلام أو على كوب قهوة أو وجبة إفطار أو في السؤال عن محاضرة وهكذا إلى أن قويت علاقتنا. لم أكن، في بادئ الأمر، على علم بإعاقتها السمعية؛ لأني كنت أرى في عينيها ذلك الإصرار وتلك الروح المحفوفة بالعزيمة، وأتلمس فيها روح التعاون والمبادرة والاهتمام، حتى أن روح الفكاهة لا تفارق شخصيتها، وبعد أن علمت بذلك أيقنت أن وفاء تمتلك «روح العزيمة» التي شقت بها طريقها بعد التخرج وعملت على وضع بصمتها بالشكل الذي ترغب فيه متخطية كل الظروف والمعوقات التي قد يجدها البعض سببا من أسباب التوقف دون البحث عن بديل ودون التسلح بما قد يقوي روح العزيمة. أتذكر وقد لا تتذكر هي أرسلت لي في يوم من الأيام رسالة قالت فيها هل تتوقعين أن لتخصصنا مجالا وظيفيا؟ كنا وقتها حديثي تخرج فأجبتها لا تيأسي فكلنا نحاول وما يكتبه لنا الله نرضى به، فقالت لي أرغب بشدة في أن أكون مشروعي الخاص دون أن أتقيد بالشهادة، فقلت لها فلتفعلي دون تردد. أحسست حينها كأنها تريد أحدا أن يدفعها، لكني قلت لنفسي سأنتظرها أولاً لأرى كيف ستدفع هي نفسها. ومرت الأشهر وأنا انتظر منها رسالة ولكن لم أجد شيئا غير رسائل عن الحال دون أن أشعر بمبادرة منها لما يتعلق بمشروعها الذي تريد أن تعمل عليه. ولكن سرعان ما تقلصت تلك الأشهر وأرسلت لي لتبشرني بأنها بدأت بأول ملامح مشروعها في تحضير الحلويات، فرحت كثيرا رغم أن البعض قد يستصغر ما تقوم به لكني أفخر وسأفخر بها ومن يمثلها ليس لشيء بل لأنها لم تنتظر وتندب حالها ولم تقف تحبس نفسها أسيرة لتخصصها وتنتظر الفرص بل شقت طريقها وبمساندة زوجها، فهي مثابرة فيما تريد أن تحقق، أمور كثيرة قد لا تتسع مساحة المقالة لذكرها ولكنها زادت من تقديري لها. وفاء هي واحدة من العشرات استطاعت وأثق بأنها ستستطيع أن تثبت لنفسها وأن تقوي مشروعها وتجعله يرى النور بما تريد هي وتطمح دون أن تلتفت للوراء. وفاء يا صديقتي كوني كما عهدتك وستكونين كما تعهدين نفسك.