فرضت الميليشيا الحوثية كتابًا جديدًا على جميع اقسام وكليات جامعات الحديدة وصنعاء وعمران وذمار وفروعها في المحافظات، تحت اسم «الثقافة الوطنية» كبديل لمقرر مادة «الثقافة الإسلامية»، الذي يتضمن محتواه منهجًا إسلاميًا وسطيًا، في حين يعكس المقرر الجديد المنهج الطائفي، فهو نسخة مجمعة ومطورة للنشرات الدينية الصادرة عن قائدها الصريع حسين بدر الدين الحوثي، وخطابات زعيمها الحالي عبدالملك الحوثي ومرجعيات دينية طائفية متطرفة. ويتألف الكتاب من أربعة فصول، الفصل الأول تحت عنوان: «التعاريف والمرتكزات والمفردات للثقافة الوطنية»، وعرفت الميليشيا «الثقافة الوطنية» استنادًا لخطب حسين بدر الدين، وفصلت ثقافة وطنية على أفكاره، وفي الصفحة (19) ألغت الميليشيا حرية الفكر المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتقول: ان حرية الفكر هي باتباع آل البيت والمشروع القرآني، وهو مشروع حوثنة اليمن وإلحاقه بمشروع ولاية الفقيه في طهران، المشروع الذي تدعي أنها تقوده. وناقش الفصل الثاني اليمن ودوره الحضاري قبل الإسلام، وأدخلت عليه مغالطات كثيرة بما يتماشى مع الفكر الإرهابي للجماعة، في حين جاء الثالث تحت عنوان: «اليمنيون ودورهم الريادي في نصرة الإسلام»، حيث تحدثت عن الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري، وقالت: انه انحاز لصالح معاوية في اشارة واضحة لإعادة إحياء الخلافات الطائفية بين المسلمين واليمنيين خاصة، فيما تحدث الفصل الرابع عن: الاستعمار الجديد واستهداف الشعب اليمني، وقدمت مغالطات عديدة دعمتها تبريراتهم، حيث وصفت أن تيارًا معينًا - إشارة لطهران ووكلائها - يحمل مشروع أمة وقضيتها واضحة. وتعمل الميليشيات على رسم هوية جديدة لليمنيين تقوم على استنساخ النموذج الإيراني، او فكر الثورة الخمينية القائمة على فكر طائفي وصبغة عنصرية فارسية تحاول طمر الهوية العربية في الخطاب الديني المذهبي لخلق روابط على أسس دينية غير سليمة وموجّهة لخدمة المشروع الفارسي بدرجة رئيسة. ويلاحظ من خلال الخطاب العام وعمل الحوزات والانتقال الى التعليم العام سعي ميليشيات الحوثي الى حرق المسافات وفرض فكرها الدخيل على اليمن مستغلة سيطرتها على مساحة من البلاد واحتكارها لإدارة مؤسسات التعليم، وقد تجلى هذا السعي الحثيث في وضع شقيق زعيم الميليشيات الحوثية في منصب وزير التربية والتعليم من اجل تنفيذ المهمة بالشكل المطلوب. وتضع الميليشيات الانقلابية المجتمع اليمني أولًا، والدولة السعودية كهدف مزدوج يتربع على رأس قائمة مهامها التحريضية إعلاميا ودينيًا وتعليميا، فهي تستهدف المجتمع السني بدرجة أساسية وتفرد مساحة كبيرة لحشد تأييد يقوم على استنتاج موجة لأحداث تاريخية رافقت ظهور الإسلام، وتقسم المجتمع المكي والمدني وفق منهجية طائفية رغم أن الاحداث التاريخية وقعت قبل ظهور المذاهب، وسيتم تناول هذه النقطة في مادة منفردة. وفي المجتمع اليمني تستهدف الحوثية الخمينية المعتقدات والفكر الديني والسياسي بجملة من المغالطات، التي استمدتها ايضًا من أحداث تاريخية ونصوص، يتم نسبها للرسول - عليه الصلاة والسلام - وصحابته، وتوظيفها لصالح بناء وعي ديني مغاير يؤمن بأحقية الولاية لقادة الميليشيات على أسس سلالية عرقية، وادعاء انتساب هذه السلالة الى النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، ووصل الحال بهذه القيادات أن تطلب من اتباعها مناداتها بأبناء النبي، كما يخاطب عناصر الميليشيا زعيمهم ب«ابن النبي».