لم يكن علم النفس يوما مصدرا ملهما لمعرفة الروح، فهو يعنى بدراسة المدارك الذهنية والحسية وتأثيراتها، أي أنه يرتكز على دراسة الإدراك المقيد بالحواس، والتي لا تندرج الروح ضمنها، ولذلك فهو لن يتمكن من فهم الكثير من الديناميات المترتبة على مرض الروح وانعكاسه على الكفاءة الذاتية من دون أن يعترف بقوة الروح التي تقف وراء هيكلة الشخصية. من أجل أن تعتني بفكرك وجسدك يترتب أولا الاعتراف بهما، ومن أجل الشفاء الروحي فذلك يتطلب الإقرار بأن الروح تمرض وتتوعك وتستلزم علاجا مختلفا خاصا بطبيعتها المنفردة، والكل يتفهم بأن السبيل للتنعم بسلامة الفكر يعني المزيد من الاهتمام بفهم آلية عمل الدماغ، والأمور التي يحتاجها ليكتسب المزيد من القوة الذهنية، أو تلك التي تتسبب في اعتلاله، وبالمقابل فلا يمكنك تقديم مساعدة واعية للروح في تطورها بمجرد فقط الإقرار بوجودها، بل من الضروري التأمل في احتياجاتها وأسباب اعتلالها. التعمق في مفاهيم الذكاء الروحي ضروري للإجابة عن هذه الأسئلة، وهو ليس عشوائيا بل شديد الدقة للإلمام بمراحل تطور الروح، وإدراك حجم الانتكاسات المترتبة على عدم إيلاء تلك العمليات الاحترام والاهتمام الذي تستحقه لأجل الاكتمال، وحينها سيدرك معظم المتخصصين في مجال علم النفس أن الكثير من الاضطرابات النفسية منطلقة من كونها أشكالا من التهشم الروحي. الذكاء الروحي هو دراسة منظمة ومنهجية لما من شأنه المحافظة على صحة الروح، وتحديد السلوكيات التي تتعارض مع انسجامها وتكبل طاقتها، فالأعمال الوحشية مثلا أقوى مصدر لتهشيم الروح الإنسانية، فالروح لا تتحمل العنف والغضب وتتلوث بالكذب والغيرة والأحقاد، وعندما تنخرط الشخصية في هذه الأنواع من السلوك تكون كمن يعطي جسده جرعات متتالية مركزة من السم القاتل، والشخصية غير الواعية لتلك المفاهيم تقع غالبا تحت وطأة كثافة الأحداث المادية والأزمات حتى تبدأ باستدراك الأمر والتيقظ للبدء بعلاج الروح، والتعلم عبر الحكمة الروحية بدلا من التعلم بالألم والخسارات.