يعتبر الفنان التشكيلي مازن المعمري من أبرز الوجوه الفنية الشابة في سلطنة عمان وفي الخليج العربي، التي كرست طاقتها للتعبير بالفن عن واقع وجودي ونفسي يلامس الروح ويتراقص مع الطبيعة ببساطة التآلف واختلاط الإحساس المتفجر لونا في الفكرة، فقد ساعدته موهبته وابتكاراته على خلق بصمته التي مكنته من أن يحصل على العديد من الجوائز الفنية في المنطقة، إلى جانب حصوله على الجائزة الأولى للمعرض السنوي للجمعية العمانية للفنون التشكيلية. رغم اهتمامه بالفنون الكلاسيكية وبفكرة الإبداع في الفن اتبع المنهج التجريدي الحداثي، كمسار يجسد المعاني التي تنتاب مواقفه من الوقائع والأحداث والتفاعلات فهو جريء في خطوطه رقيق في تعبيره حرفي في تجسيد اللون وإشباعه بالدلالات والتداخلات المكثفة الإحساس في تراكمات الفكرة التي يفتتها ويرتبها لتتشكل ببساطة تترك أثرها في عمق التأويل لدى المتلقي. وعن تجربته وتفاعلاته يقول: «أرسم لحقبة تاريخية مرت خلال حياتي الفنية، فعملي الفني هو عبارة عن رسالة للتاريخ أحاول من خلاله أن أنقل كل تفاصيله، فهو الفضاء الذي أجد فيه نفسي وأحاول رسم ما قد يُرى صغيرا بطاقة عظيمة أحملها لتؤسس قطعة فنية متوحشة الرموز والألوان، فهي منفذ فلسفاتي بمعانيها المتنوعة والمتباينة، غير أن مجمل الإسقاطات تأتي بين المنع والانغلاق والانفتاح، فأنا أسعى من خلال عملي للإشارة إلى صورة الحقيقة المعكوسة في عمل الإنسان ككيان في الوجود، علاقاته هي التي تحركه وتخلق تفاعله مع الآخرين فقد مثلتُها بتبقيعات اللون الوضاءة على السطح؛ لذا فإن كل من يسعى بوعيه ولا وعيه إلى ربط الصلة وعدم عزل النفس مع من حوله في عمل يسرد في مجمله حقبة زمنية معينة يتبين ذلك في كل مستطيل، حيث إن الفن عبارة عن رسالة يتم من خلالها تاريخ الحضارة والثقافة والعادات والتقاليد والعمارة العمانية، فقد ظل العمانيون على مدى الزمان يبنون بيوتهم بسواعدهم مستعملين المواد المحلية، وكانت العمارة مرتبطة بعمق الإرث الحضاري». بدأ المعمري تكونه التشكيلي مبكرا، فقد كان يلعب بالألوان ويحولها حسب مزاجه في مزيج من الحلم الدافئ بطفولة تبحث عن مذاقات الحياة، ولصقل موهبته التحق بالجامعة العمانية للفنون، حيث تأثر بالمدرسة الكلاسيكية الواقعية ثم انتقل إلى التجريد الذي برع عن طريقه في خلق الحداثة في رؤاه التعبيرية التي ألبسها انتماءه وهويته وحضوره في الأرض وقدمها برؤية معاصرة، فهو لم يترك تفصيلا في بيئته وتراثه إلا ونهل منه علاماته ورموزه بدلالاتها التي تعني رسوخا في الأرض والتاريخ الذي بدوره يعني الإنسان. فبالتعمق في أعمال المعمري ومراحل نضجها نلاحظ فكرة اللون الطاغي، فقد اعتمد اللون الأحمر بدرجاته وتكونه في الصورة إلى درجة أنه تمكن من احتلال الفضاء في اللوحة فهو إشارة رمزية تعبر عن الزوايا العاطفية والرومانسية التي تنخلق مع الإنسان برغباته وانجرافه للطبيعة والحياة والحب والتضحيات والمشاعر باختلاطها. كما نجد أيضا اعتماد المسطح الأسود في خلفيات اللوحات وتحمله كل التلطيخات اللونية الأخرى التي تحيل على التحول والانفعال والتنوع والتجدد، وبالتالي تناغمات تتراقص وتتآلف فيما بينها لتتوافق مع هندسة العناصر التي تكون اللوحة وتعبر عن الفكرة والمقصد، فمن الخطوط باتجاهاتها إلى العمق المحفور للون في النقاط والعلامات الفلكلورية في الأشكال الهندسية التي تخضع المساحة إلى الانقسام فيما بينها لتحول اللوحة إلى متاهات مثيرة ولكنها بسيطة في دهشتها التي تنقل عمق الرؤية الطفولية إلى نضج المعنى الفني والجمالي، وبذلك تمتزج البساطة مع الجمالية المرتبة للانفعالات المختلطة في أعمال المعمري؛ ما يجذب المشاهد لغرابتها المستحبة فيستفزه هدوء المزج المتناقض في عنفه وصخبه وتقسيماته وخطوطه بين عناصر الألوان كأنه يقدم له عبقا من عطر الحياة. يذكر أن المعمري نظم ستة معارض شخصية في عمان، ومعارض جماعية في «عمان، الكويت، ليبيا، قطر، البحرين، ايطاليا، سويسرا، السعودية»، كما شارك في العديد من الورش الفنية في عدد من المناطق، حاز على عدة جوائز، منها «جائزة لجنة التحكيم في المعرض السنوي للشباب (المركز الأول)، معرض ملتقى كلية الشرق الأوسط، جائزة لجنة التحكيم في ملتقى د.سعاد الصباح في الكويت، الجائزة الكبرى في ملتقى الرسم من أجل السلام». أحد أعمال مازن المعمري