التخبط القطري السياسي يبدو واضحا بين محاولة الدوحة ارضاء واشنطن وخطب ود طهران، وهو تخبط يرسم ازدواجا خطيرا ترفضه الإدارة الأمريكية التي تعمل وفقا لسياستها الجديدة تجاه طهران على تغيير النظام الإيراني برمته وعدم الاكتفاء بالعقوبات الناجمة عن استمرارية النظام في تطوير أسلحته النووية، فقد أضحت طهران بؤرة إرهاب خطيرة في المنطقة لا تهدد دولها فحسب بل تهدد دول العالم كلها. هذا التخبط يعني فيما يعنيه استمراء لعبة الاستقواء وتدويل الأزمة بميل الدوحة إلى ارضاء واشنطن ويعني في ذات الوقت الاستمرار بالتعاون مع طهران في كل مجال وميدان بما في ذلك العمل على نشر خطاب الكراهية بين الشعوب وتصعيد موجة الإرهاب بكل صوره وأشكاله. وتعلم الدوحة يقينا أن تسوية أزمتها مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب لن تتم عبر طرائق الاستقواء والتدويل بل عبر بوابة الرياض إذا ارادت بالفعل أن تصل إلى تسوية، فكل الدلائل تشير إلى أن الأزمة لا يمكن حلها خارج البيت الخليجي، وأن التغريد خارج السرب يلحق أكبر ضرر بالسياسة القطرية. التقارب بين الدوحةوطهران هو أمر مرفوض من قبل دول مجلس التعاون الخليجي التي ترى فيه ضررا كبيرا على أمنها واستقرارها وسيادتها، فالنظام الإيراني لايزال مستمرا في تطبيق سياسته المعهودة بالتدخل في شؤون الغير وتصدير ثورته الدموية إلى كل مكان. ورغم محاولات واشنطن والكويت لرأب الصدع وإعادة الأمور إلى نصابها بين الدوحة والدول الأربع، إلا أن ساسة قطر ماضون في ركوب رؤوسهم وعدم الاصغاء لصوت العقل، وهذا يعني أن تجاوز الأزمة يمر بمأزق حقيقي مرده إلى أن النظام القطري يرفض كل النداءات الموجهة إليه بمكافحة ظاهرة الإرهاب والتخلص من رموزها المتواجدين بالدوحة. وقد نصحت دول مجلس التعاون الخليجي قطر مرارا وتكرارا بأهمية قطع علاقاتها مع النظام الإيراني المهدد لمصالح دول المجلس ومصالح دول المنطقة غير أن الدوحة بدلا من الاصغاء لهذا النداء العقلاني مالت كل الميل إلى طهران وارتمت في أحضان حكام ايران بكل ثقلها، وهو ارتماء سوف يلحق الضرر بدولة قطر وغيرها من الدول الخليجية والعربية. ولاشك أن التخبط الذي يرى بوضوح في السياسة القطرية بين واشنطنوطهران لابد من النظر فيه بعيون المصالح التي سوف تنجم عنه، والمصالح المرئية تقول بأهمية وقف التعاون القائم حاليا بين الدوحةوطهران بكل أشكاله ومسمياته؛ ابعادا لدول المجلس ودول المنطقة عن الأخطار الناجمة عن هذا التعاون المشين الذي لن يعود على قطر وكافة دول العالم إلا بمزيد من القلق والاضطراب.