وزير خارجية الثورة الايرانية محمد جواد ظريف، أظهر في الاسابيع الاخيرة حركة وتصريحات سياسية تتعلق بأمن المنطقة ومستقبل العمل السياسي فيها، وطموحا ايرانيا بتفاهم «ما» مع المملكة العربية السعودية. الطريف في كلام ظريف أن ما قاله حديث لم يعد يطرب أحدا، ولا يجد مصداقية سياسية، أو عملية عند أحد من جمهورية الثورة الايرانية. قبل تفصيل الامر، أزعم أن ما يحدث في ايران منذ سقوط نظام الشاه إلى اليوم هو نزق ثورة لا يمت بصلة لفطنة وحصافة الدولة، ومن أراد دليلا طازجاً على ما اقول فليتفحص «تصريح» أو «تهديد» محمد علي جعفري الذي تزامن مع تصريحات وتحركات ظريف الأخيرة. جعفري، وهو بالمناسبة قائد الحرس الثوري الايراني! هدد الولاياتالمتحدةالامريكية باستهداف قواتها في المنطقة، منطقتنا نحن وليس على الاراضي الأمريكية، اذا ما تم إدراج قواته، أي الحرس الثوري وليس الجيش الايراني، على القوائم الأمريكية للإرهاب. نعود لتصريحات ظريف الاخيرة والتي سبقها بأسابيع بزيارة لم يعلن عنها للدوحة، ولمسقط، وقيل حينها انه بحث في مسقط امكانية اقامة وساطة مع المملكة العربية السعودية!! التصريحات الاخيرة تقول ان ايران مستعدة للحوار، والتقارب مع المملكة العربية السعودية، ومستعدة لبحث خلافاتها أيضاً. معالي وزير الخارجية السعودي أجمل موقفا سعوديا من كل هذه الروايات الايرانية بضرورة أن يوجه المجتمع الدولي النقد لإيران على سلوكها السياسي السلبي الذي يهدد الامن والسلم الدوليين، ويسعى للتدخل في شؤون دول المنطقة العربية. وهذا موقف مبدئي وعقلاني ومنطقي معروف عن الدول الخليجية، والعربية في مواجهة التدخلات والطموحات الايرانية بالهيمنة والسيطرة. أحاديث وتصريحات ظريف في هذا السياق تقود إلى الفهم الأولي الذي يصنفها في خانة «المراوغة الايرانية» التي اعتادها الجانب العربي خلال ما يقرب من أربعة عقود، بعبارة أخرى هذا السلوك الموحي بالنزعة التصالحية هو موقف ايراني تكتيكي تلجأ اليه ايران في حال مواجهتها عواصف سياسية اقليمية أو دولية. جوهر هذا التكتيك يقوم على امتصاص تلك العواصف ايا كان مصدرها بالانحناء لكي تمر وتصبح من الماضي، وتزول اسباب التهديد المباشرة فيها. من ناحية اخرى فان أبرز العواصف التي تواجهها ايران اليوم الضغط الامريكي المتصاعد حول اعادة مناقشة طبيعة الاتفاق النووي. والكل يعرف صعوبة إحداث «تغيير» جوهري في مسار هذا الاتفاق، في ذات الوقت فإن الجانب الأمريكي يظهر جدية حقيقية في بعض الملفات المتعلقة بجوانب معينة منه. ولعل توقيع الجانب الامريكي قرارا بالعودة للقراءة العملية لمشروع الاتفاق في اغسطس الماضي احد هذه المؤشرات. أمر آخر يمثل عاصفة من نوع مختلف تواجهها إيران اليوم وهي انعكاسات، وتبعات التطور الكردي العراقي بالاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق، والتشنج الايراني حول هذا الملف الذي يمكن ان يستخدم اقليميا، ودوليا للإضرار بكثير من مصالح ايران. هذا غيض من فيض يواجه ثورة قلقة لم تتمكن من التحول الى دولة، تسمى الجمهورية الاسلامية في ايران.