تكثر الرسائل الترويجية الموجهة بشكل مكثف للمملكة، سواء عن طريق الاتصال بهاتفك المحمول أو عن طريق الرسائل التي تستقبلها في بريدك الإلكتروني بخلاف مواقع التواصل الاجتماعي التي تبحث عن الحالمين بالثراء السريع وتعظيم مدخراتهم عن طريق التداول فيما يعرف ب «الفوركس»، وذلك من خلال الكثير من الأساليب التي تهيئ «الضحية» نفسيا لقبول فكرة التجربة، مثل أن تصلك دعوة للاشتراك في محفظة «تدريبية» لاكتساب مهارة التعامل في هذه الأسواق وبعد الانتهاء من التداول الوهمي والتدريب تقوم هذه الشركات بالاتصال بالعميل عن طريق أرقام التواصل التي يدخلها عند فتح حسابه الذي تدرب من خلاله وتبدأ في حثه على الاستثمار بمبالغ بسيطة في البداية وهكذا دواليك حتى تنجح في استنزاف مدخراته، ليبدأ رحلة البحث عن خصمه بعد فوات الأوان. وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة التي تصدرها الجهات المختصة بالمملكة، مثل: مؤسسة النقد، وهيئة سوق المال، وكذلك وزارة التجارة، إلا أننا ما زلنا نسمع ونرى الكثير من ضحايا شركات «الفوركس» التي نجحت في إغراء «الطماعين» للثراء السريع، والذين لم يكلفوا أنفسهم البحث عن مخاطر هذه الشركات أو على الأقل البحث عن مدى شرعية ممارسة نشاطهم داخل المملكة، حيث كررت هيئة سوق المال غير مرة ومن خلال مناسبات كثيرة أنه لا يوجد لدينا في المملكة أي شركة مرخصة في ما يعرف بشركات الفوركس. إحالة المتورطين إلى النيابة العامة بدورها، قالت هيئة السوق المالية إنها ستحيل المتورطين في نشاط التسويق للفوركس إلى النيابة العامة، كما أوضحت الهيئة أنها اتخذت عدة إجراءات لمواجهة نشاط (الفوركس) وذلك بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، وهي وزارة التجارة والاستثمار ومؤسسة النقد العربي السعودي، وتأتي هذه الإجراءات استنادا إلى أن انتشار ظاهرة التسويق للاستثمار والتداول في نشاطات الفوركس تنطوي في كثير منها على النصب والاحتيال، وهي من الأساليب الحديثة التي تستغل عدم إلمام عدد كبير من المتعاملين بقواعد وتنظيمات السوق المالية، كما تستغل هذه الظاهرة لسعي عدد من الجمهور إلى الكسب السريع والثراء دون الالتفات إلى مخاطر هذه الممارسات ونظاميتها. وأوضحت الهيئة أنه ومن منطلق جهود الهيئة في توعية الجمهور بمخاطر الاستثمار والتداول في نشاط الفوركس، فقد سخرت عددا من الوسائل الفعالة التي تستهدف رفع مستوى الوعي لدى الجمهور وأيضا التأكد من عدم وجود أي ممارسات غير نظامية، ومن تلك الجهود إنشاء وحدة متخصصة لضبط مخالفات الأشخاص غير المرخص لهم في السوق المالية، بما فيها التسويق لنشاط (الفوركس)، كما تجري الهيئة زيارات تفتيشية على الأشخاص غير المرخص لهم لضبط ممارستهم المخالفة لنظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية، كما أصدرت الهيئة عددا من النشرات التوعوية والبيانات التحذيرية من هذا النشاط، وسعت إلى اطلاق عدد من المبادرات المشتركة مع جهات حكومية أخرى كمؤسسة النقد العربي السعودي ووزارة التجارة والاستثمار؛ بهدف مكافحة هذه الظاهرة، كما تتعاون الهيئة مع عدد من الجهات الحكومية لتبادل المعلومات الخاصة بأي مخالف لإيقاف المخالفين، سواء كانت الأنشطة إلكترونية أو شخصية، وتنظر الهيئة للمستثمرين في السوق المالية كمشاركين فعالين في محاربة الظاهرة وذلك عن طريق الإبلاغ عن أي نشاط مخالف، إضافة إلى أنه جار التنسيق مع عدد أكبر من الجهات الحكومية لتوحيد الجهود الرامية؛ للقضاء على نشاط الفوركس، وتهيب الهيئة بسرعة التبليغ عن أي نشاط مخالف، وخصوصا فيما يتعلق بممارسة أعمال الأوراق المالية دون الحصول على التراخيص اللازمة. «اللي عنده قرش يحيره.. يشتري حمام ويطيره!» من جهته، قال المستشار المالي، عضو جمعية الاقتصاد السعودية وعضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية بغرفة الرياض تركي فدعق: إن مؤسسة النقد وهيئة سوق المال حذرتا مرارا وتكرارا من التعامل مع شركات «الفوركس» التي تسوق منتجاتها وأعمالها من خارج المملكة، ووقع ضحيتها الكثير من المستثمرين، وأوضح أنه ومن المفترض بعد تلك التحذيرات ألا نرى ضحايا جددا لهذه الشركات سواء الوهمية منها أو تلك المرخصة في دول أخرى، ومن يقع ضحية بعد هذه التحذيرات فينطبق عليه المثل الشعبي الذي يقول «اللي عنده قرش يحيره.. يشتري حمام ويطيره» مبينا أنه لا يوجد عاقل يمارس نشاطا ماليا غير مضمون مهما كانت المغريات والوعود التي تقدمها هذه الشركات أو الجهات. وشدد فدعق على أن الرسائل الترويجية التي تقوم بها تلك الشركات يتم تكثيفها على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل، وتستهدف المستثمر الذي يريد تحقيق أرباح خيالية وكبيرة في فترة وجيزة، وهذا غير موجود في عالم المال والاستثمار، وزاد: هناك معلومة هامة يجب أن يعلمها الجميع، نشاط التعامل بالفوركس في الدول التي ترخص هذا النوع من الاستثمار لا يقوم به إلا مختصون دارسون وحاصلون على دورات في هذا المجال، فما بالك بالمستثمر الذين يضع أمواله وهو لا يعرف على أي أساس يقوم هذا النشاط أو هذا الاستثمار. كما أوضح فدعق أن هناك للأسف شركات تتواجد في المملكة بطرق ملتوية، تقوم بنشاط معلن غير الحقيقة التي وجدت من أجلها، فبعض تلك الشركات مرخصة على أنها شركات تدريب تعطي دورات وشهادات في المجال المالي، وفي ذات الوقت تقدم خدمة الاستشارات والاستثمار في الفوركس، وتتخذ من نشاطها الرئيسي المرخصة من أجله غطاء قانونيا للقيام بهذه الأعمال، واختتم حديثه بتوقعه أن تشهد الأسواق المالية في المملكة الكثير من الأدوات والمنتجات الاستثمارية الجديدة، وأن ما نراه في الكثير من الدول غير مستبعد أن نراه قريبا في المملكة بشكل رسمي ومرخص. الشركات الوهمية أشد خطورة بدوره، قال المدير التنفيذي لمكتب الشميمري للاستشارات المالية محمد الشميمري: إن هذه الشركات تدعي أنها موجودة في المملكة ولها مقار رسمية أو ممثلون، وهذا غير صحيح، فلا يوجد شركات تتعامل ب «الفوركس» في المملكة بل غير مرخص لها نظاما ناهيك عن تواجدها، مضيفا: ما يزيد من خطورة التعامل في الفوركس أن هناك شركات وهمية تقوم بفتح مكاتب في بعض الدول، وتكثف اعلاناتها الموجهة للمستثمرين من المملكة وتدعي أنها شركات قائمة ومرخصة في تلك الدولة وبعضها يمتلك منصات ومواقع إلكترونية تسهل عملية التحايل على المستثمر، مبينا أن هذه الشركات أشد خطورة من تلك الشركات المرخصة فلا يمكن أن تسترجع أموالك منها، أو ملاحقتها قانونيا، محذرا في الوقت نفسه كل الراغبين بالاستثمار فيما يعرف ب «الفوركس» طمعا في الارباح الكبيرة والسريعة والأوهام التي تسوقها تلك الشركات في اعلاناتها، أن يتجنبوا ذلك فهذه الشركات غير مرخصة في المملكة، ولديهم فرص استثماريه أخرى كثيرة في المملكة مرخصة وآمنة. استرجاع الحقوق في حالة الاحتيال معقد قانونياً من جانب آخر بين أستاذ القانون المساعد، المحامي والمحكم التجاري د. سعد بن شايع القحطاني أن شركات الفوركس التي لا يوجد لها مقرات رسمية وهي غير مرخصة في المملكة، تجعل عملية التقاضي في حالة وجود خلاف أو عملية احتيال وما في حكمها صعبة المنال، مبيناً أن الأصل في العقود فيما يتعلق بتقديم دعوى من أحد طرفي العقد ضد الآخر أن تتم في مقر إقامة الطرف المدعى عليه، إلا في حالة أن يتم ذكر جهة أو هيئة أو مكان محدد للتقاضي في العقد نصاً، وهنا في مثل حالة شركات الفوركس من المستبعد أن تتفق مع العميل المقيم في السعودية بأن يكون مكان التقاضي عند النزاع هو المملكة بسبب أن تلك الشركات غير مرخصة وغير معترف بها لدينا، وفي هذه الحالة فالعميل قد فرط في ضبط حقه عند حصول النزاع، والقاعدة أن المفرِّط يتحمل عاقبة تفريطه وعلى ذلك فالعميل سيتكبد عناء مقاضاة شركة الفوركس التي تعاقد معها في بلدها ومقرها. وأضاف د. القحطاني أن الشركات المرخصة لدينا في المملكة من مؤسسة النقد -وفق تنوع أنشطتها- تحتكم إلى لجان تقاضي محددة من قبل مؤسسة النقد في حالة وجود الخلافات، وتعتبر أحكام هذه اللجان نافذة. وأشار إلى أننا لو افترضنا اتفاق شركة الفوركس مع العميل على التقاضي بالمملكة فإن هناك مشكلة أخرى ستصادف العميل وهي الجهة المختصة بنظر النزاع حيث القضاء العام لا ينظر في القضايا التي هي من اختصاصات لجان مؤسسة النقد، واللجنة المختصة بمؤسسة النقد لن تباشر النظر إلا في نزاعات العقود المرخص لها. وبين د. القحطاني كيفية تنفيذ الحكم القضائي على شركة الفوركس إذا تم الاتفاق معها على أن يكون مقر المقاضاة بالمملكة بأنه في هذه الحالة سيتوجب على العميل المشتكي عند صدور حكم قضائي نهائي لصالحه أن يتجه لتنفيذ الحكم القضائي في دولة مقر شركة الفوركس، مع الأخذ في الاعتبار أن يكون هناك اتفاقية لتبادل تنفيذ الأحكام بين المملكة وتلك الدولة وفق آلية تنفيذ الأحكام لديها.