لم تكن تلك الجموع الحاشدة، التي توافدت على مسجد الفرقان بحي الفيصلية بالدمام، بحزن وأسى، مع التسليم الكامل بقضاء الله وقدره، لتشيعه إلى مثواه الأخير، إلا شهادة على سيرة رجل، استطاع أن يترك بصمة في حياة محبيه ومعارفه. لم يكن سمير بن عبد الرحمن المقرن يرحمه الله مجرد مدير لفرع معهد الإدارة بالدمام، ولم يكن مجرد كاتب كان محط اعتزازنا في (اليوم) ولكنه كان نموذجاً رائعاً لابن الوطن الغيور عليه، والحريص على مصلحته، وكان الفكر الذي يثري بعمق، ويأسر من يقترب منه بالكلمة الطيبة والسلوك الراقي.. وهكذا يكون الرجال. وعندما تلقيت النبأ المفجع، بفقد سمير المقرن، في حادث مروري أليم، وجدت نفسي أعترف، بأنه من الصعب جداً، أن يرثي المرء عزيزاً عليه، وأعترف أيضاً أننا لا نعرف قيمة الرجال إلا بعد أن نفقدهم، أو نجد الساحة قد خلت منهم، ولكنها سنّة الحياة، وحكمة الله في الموت، تضاهي حكمته سبحانه وتعالى في الخلق.. ولذا كان هذا «الحب والتقدير» للرجل ميتاً كما كان نفس الحب والتقدير له حيّاً. كان الحضور الهائل في موكب العزاء شهادة ليست أخيرة على مكانته الاجتماعية، وكان الحزن المرسوم على الوجوه، أصدق دلالة على حجم الفقد، وربما بل أؤكد أن ذلك ما خفف من وقع الصدمة على وقع الأب الشيخ الجليل عبد الرحمن المقرن وهنا أيضاً، لم يكن غريباً أن ينعاه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز، واصفاً إياه بأنه «من الشخصيات البارزة في العمل العام، رجلاً مخلصاً ومسؤولاً متفانياً في أداء واجباته المنوطة به، فضلاً عن كونه إدارياً فذاً وقيادياً محنكاً تشهد عليه جهوده المميزة في المنطقة» .. وتكون هذه الكلمات شهادة حية تضاف إلى رصيد الفقيد في نفوس من عاشروه وعاصروه، وتلخص كم التقدير الهائل له في نفوس الجميع.. كما ان حرص صاحب السمو الأمير جلوي بن عبد العزيز بن مساعد نائب أمير الشرقية، على المشاركة بنفسه في تقديم العزاء، يشير أيضاً إلى مكانة الرجل الرسمية والشعبية. عندما التقيت بالفقيد الراحل، قبل سنوات، وجدت أنني أمام شخصية غير عادية، فإضافة إلى تواضعه الجم، وجدت ثقافة هائلة، وخبرة إدارية وقيادية تستحق الكثير، وعندما جمعتنا أكثر من مناسبة، تأكدت فعلاً أنني أمام نموذج رائع للقيادي الإداري، الذي يتعامل بروح المواطنة، وليس بمنطق المنصب، وكانت روحه الإنسانية يرحمه الله محل اعجاب الكثيرين وأنا منهم. كان الحضور الهائل في موكب العزاء شهادة ليست أخيرة على مكانته الاجتماعية، وكان الحزن المرسوم على الوجوه، أصدق دلالة على حجم الفقد، وربما بل أؤكد أن ذلك ما خفف من وقع الصدمة على وقع الأب الشيخ الجليل عبد الرحمن المقرن، الذي بدا مؤمنا وصابرا ومحتسباً وهو يودع فلذة كبده إلى مثواه الأخير. لا نملك إلا أن نقول: رحم الله سمير المقرن.. وأسكنه فسيح جناته، وألهم آله وأسرته وذويه ومحبيه كل الصبر والسلوان.. {إنا لله وإنا إليه راجعون}