قلما يجود زماننا هذا اللاهث بطابعه الاستهلاكي في الأشياء والقيم بمثل الشاعر الضاحك حسن السبع، عمق اطلاع على التراث الشعري والنثري العربي وتفاعل مع حركات التجديد الشعري الحديث، وفوق ذلك إيمان عميق بقيم الحرية والتعبير خارجا عن أية أدلجة طبعت الكثيرين من جيله عن قناعة تارة وركوب الموجة تارات. تعرفت على أبي نزار في ليلة من ليالي الرياض وأسمارها المحتشدة بالنقاش الجاد واللاهي وكان قد فاجأني وصديق عمره د.أحمد الشويخات المتخرج وقتها من جامعة ستانفورد في اللغويات وحسن السبع كان قد أنهى دورة جديدة من دوراته في فنون البريد في باريس متأثرا حاله حال الأدباء والشعراء العرب الذين ذهبوا الى باريس او لندن متأثرين بطابعيهما الثقافي، غير أن أبا نزار لم يسمح لموهبته الشعرية وحسه النقدي إلا أن يفيد مما يطلع عليه في صفحات التراث العربي أو آفاق حركات التجديد في العالم العربي مسجلا بصمته عاملا مضافا فيما يبدع من شعر أو يكتب من أدب مجودا صنعته تجويد الشعراء المتميزين والأدباء الجادين. وقد جذبتني إليه علائم نادرة في شخصيته المؤنسة التي انعكست فيما أصدر من دواوين ونشر من مقالات تمثل شخصيته خير تمثيل دون تصنع أو مجاراة أو تقليد الحمامة للغراب. وبشخصيته الساخرة الساحرة أكرمني ليلة زفافي بقصيدة اعتبرتها ومن استمع إليها في تلك الليلة البيضاء من أعيان المملكة ومثقفيها وأدبائها وشعرائها بين أخوتهم أدباء القطيف من روائع شعره.. وكأنه جاء يودعني في زيارتي قبل ليال قليلة من إغماءته الأخيرة مع صديقنا الحبيب المشترك عبدالرؤوف الغزال مستعيدا أمام زوار مجلسي تلك القصيدة وقصائد أخرى تخللتها نكاته الساخرة وأحاديثه الساحرة..سأفتقدك ومن بقي من الجادين والساخرين في مجتمع المملكة بأسرها فأنت اليوم فقيدها الأدبي. يرحمك الله أبا نزار وطيب روحك النقية الجميلة المشعة بالحب الضاحك.