في ورقته «السرد والتأجيل والتكامل في خرائط المدن الغاوية» طرح د. مبارك الخالدي رؤية فنية تمحورت حول تقنية الرواية بدءا من استهلال الراوي في السطر الأول وارتباطها بالأحداث حتى النهاية وتدرج ليتنقل لمراحل أكثر عمقاً وتجارب أكثر نضجاً في فن الرواية. كان ذلك في أمسية ورشة ملتقى السرد بثقافة الدمام مساء الثلاثاء الماضي، تناولت الرواية الحائزة على المرتبة الاولى في جائزة الأمير سعود بن عبدالمحسن أمير منطقة حائل لسنة 2016 وحملت عنوان «خرائط المدن الغاوية» للروائي السعودي مقبول العلوي. افتتح الروائي عبدالله الوصالي الأمسية بالتعريف بالرواية والكاتب بعدها قرأ للحضور رسالة من الكاتب موجهة لأعضاء الورشة شاكرا فيها الجميع لاختيار روايته وطرحها للنقاش قائلا: «إن ما يحتاجه ويرغبه أي كاتب هو أن تتم مناقشة روايته من قبل ثلة من المتخصصين والقراء المهتمين». من جانبه، وصف القاص عبدالواحد اليحيائي الرواية بأنها تندرج تحت مصطلح الرواية التقليدية، وقد شاركته القاصة منيرة الأزيمع الرأي. أما الكاتب المسرحي عبدالعزيز السماعيل فتحدث عن إشكالية العلاقة بين الأب (حامد) والابن (نايف) في الرواية، وموقف الاثنين غير المبرر من نقد القرية مسقط رأس الأب مما أثر على هوية المكان والزمان. وقد اتفق مع الشاعر عبدالوهاب الفارس في رؤيته حول إشكالية هوية المكان في الرواية. الروائية مريم الحسن تناولت في ورقتها التي عنونتها (العشق ما بين الجمال والحرمان) علاقة البطل (حامد) والبطلة (جوليا) واعتبرتها حبا من طرف واحد، ووصفت العمل بأنه عمل هادئ يقترب من أدب السيرة الذاتية. وفي ذكر بعض التفاصيل التي تتعلق بمحطات الرواية تحدثت الكاتبة الصحفية سكينة الزيد عن مفردة الجنون التي تعدد ذكرها في جوانب كثيرة من الرواية لكنها لم تلاحظ أي نوع من الجنون!. و قبل إتاحة النقاش للجولة الثانية قدم الروائي عبدالله الوصالي ورقته النقدية (الرواية البوليفونية؛ الجوقة أم تعدد وجهات النظر؟!) عرج فيها على مفهوم البوليفونية وأصل اشتقاقه. متسائلا هل يكفي تعدد الأصوات فقط كي توصف الرواية بأنها بوليفونية؟ أم أن تلك الأصوات المتعددة يجب أن تحمل معها وجهات نظر متباينة أيضا؟! ودلل الوصالي في مقارنة بين رواية «أولاد الزنك» للبيلوروسية سفيتلانا اليكسييفيتش وبين «خرائط المدن الغاوية» في تعدد الأصوات دون تعدد وجهات النظر. فالأولى اقتصرت على نقل وجهة نظر واحدة هي وجهة نظر أمهات الفتيان أو الفتيان أنفسهم الذين يؤخذون الى الحرب الأفغانية عنوة بينما الثانية كانت وجهة نظر الأب حامد والابن نايف ولغتهما رغم فارق العمر بينهما متشابهة جدا. بدوره، تساءل الروائي عيد الناصر عن منعطف جذري في مسيرة الرواية قبل التوغل في مسارها الفني وهو عن زمن كتابة الأب لمذكراته؟ وأبدى الروائي حمود الصهيبي رؤيته حول الرواية بقوله: خرائط المدن الغاوية رواية متعددة الأصوات وأحادية الرؤى وتساءل عن مدى استقلالية الكاتب، ذاكرا غربة العنوان عن المتن واصفا اللغة بالسهلة. في ختام الجلسة، تم التذكير بالعمل القادم في سلسلة القراءات وهو رواية (أنشودة المقهى الحزين) للكاتبة الأمريكية كارسن ماكالرز ترجمة علي المجنوني.