نظم بيت السرد في جمعية الثقافة والفنون فرع الدمام مساء اول أمس الثلاثاء قراءة جماعية لكتاب «التخيل التاريخي، السرد والإمبراطورية والتجربة الاستعمارية» للناقد العراقي د. عبدالله إبراهيم، قدم فيها القاص والروائي عبدالله الوصالي ورقة ناقشت جزءا من أطروحة الكتاب. وافتتح الوصالي الأمسية وأدارها، مبينا أن الورشة لا يمكنها تغطية مجمل الكتاب- الفائز بجائزة الشيخ زايد 2013- إلا أنها سترتكز على بعض المحاور فيه، فالعمل النقدي يعمل على اختيار زوايا وإضاءتها، ولسنا بصدد مراجعة كتاب، وأضاف: قمت بكتابة ورقة وحاولت أن أرى كيف يمكنني كروائي وقاص توظيف الحدث التاريخي في الرواية. وأوضح الوصالي أن أهمية الكتاب تنبع من انتشار كتابة الرواية التاريخية مؤخرا وآخرها رواية علوان موت صغير، وهذه الرواية لها إشكالياتها والأسئلة التي تثار حولها، فهل يمكن الرجوع إلى الرواية لمعرفة الحدث التاريخي أم أنها أحداث متخيلة، وما مدى صلاحية الكاتب في تحوير حدث تاريخي. وذكر الوصالي بعض الكتابات النقدية السابقة لهذا الكتاب مثل كتاب بول ريكور «الرواية والتاريخ» وكتابات الروائي واسيني الأعرج الذي يقدم ورشا في هذا المجال. ثم بدأ ورقته بسؤال: ما الفرق بين التاريخ والرواية، مضيفا: قد يكون لدينا تصور معين عن التاريخ، إلا أنه قد يكون محلا للتأمل والتساؤل، أما الرواية فهي ما يقرؤها القارئ غير المتخصص للمتعة، بخلاف التاريخ الذي يتميز بأنه تسجيلي وإخباري، أما عالم الرواية فهو عالم مواز للواقع ولا يمكن اتخاذه كمصدر تاريخي. وتحدث الوصالي عن الجانب الفني في الرواية التاريخية حيث يستخدم الحدث التاريخي كخلفية كما في الأفلام التي تتناول الحرب العالمية الثانية فهي تجعلك تحسّ بالشعور الذي كان موجودا في الحادثة التاريخية وغرضها هو نقل هذا الشعور، وكذلك رواية علوان وكل الأفلام التي تقوم على المفاصل التاريخية، بهدف التأصيل أو استمداد الهوية من التاريخ، واستشهد الوصالي بريكور: «حين يفتح القارئ رواية فهو يهيئ نفسه لدخول عالم غير واقعي». واستشهد الوصالي برواية «فتيان الزنك» التي تتحدث - بنوع من الإدانة للحقبة السوفيتية- عن شبان روس شاركوا في حرب أفغانستان، غير أن أهالي هؤلاء رفعوا دعوة ضد الكاتبة لاختلافهم معها حول حقيقة ما جرى وهذا يؤكد أن الرواية التاريخية لا يمكن اعتمادها كوثيقة. وختم الوصالي مبينا أن الناقد عبدالله ابراهيم يقترح في كتابه مسمى جديدا للرواية التاريخية لأن هذا المصطلح أصبح جزءا من الماضي ولا يمثله إلا روايات جورجي زيدان التاريخية التي تنقل التاريخ وتلونه بالرواية كوسيلة لتشجيع القارئ على قراءة التاريخ أما روايات معلوف فهمها الأساس هو الرواية، لذلك فهو يقترح لها مسمى «التخيل التاريخي» لأن مصطلح «رواية تاريخية» فيه خلط غير مزجي وكأنك تحاول خلط ماء بزيت. وفي جانب من المداخلات ذكرت القاصة منيرة الأزيمع أن السير الذاتية مشابهة كثيرا للرواية مثل كتابات مليكة أوفقير، وفرقت بين جورجي زيدان الذي يكتب التاريخ وبين معلوف الذي يطعم روايته بالتاريخ. وتحدث القاص عبدالله الدحيلان عن إشكالية تعريف التاريخ الذي يتبنى رواية المنتصر ويتجاهل الروايات الأخرى لذا فإن الرواية التاريخية قد تكون تزييفا للواقع حين تتبنى رواية دون أخرى خشية الاصطدام بالسلطة. وتساءل الشاعر عبدالوهاب الفارس عما إذا كان الكاتب يقترح تعديل المصطلح فقط أم أنه يقترح طريقة جديدة لكتابة الرواية التاريخية. وأكد القاص والشاعر حسين الجفال على أن الكاتب يتهرب من المسؤولية القانونية بالقول إن الأحداث لا تمت للواقع بصلة وكذلك مصطلح «تخيل تاريخي» قد يكون محاولة للتهرب القانوني إلا أنها لا تنجح في تجاوز التاريخ الواقعي فهي ذات علاقة وطيدة به. ملصق ورشة بيت السرد