على إثر العمليات الإرهابية غير المسبوقة التي ضربت فرنسا في عام 2015، والتي جاءت في الغالب على يد شباب فرنسيين من أصول مغربية، قام أربعة من العلماء والباحثين بعمل دراسة ميدانية حول ما سموه بظاهرة «الجهادية ودوافع الجهاديين الفرنسيين». الدراسة جاءت ضمن نشاط قسم الدراسات التابع للمركز الوطني للبحوث العلمية - أكبر مركز للأبحاث في فرنسا- بالتعاون مع المعهد الوطني لدراسات الأمن والعدالة. نشرت الدراسة في نهاية 2016 في فرنسا ولا تزال محل جدل في الأوساط البحثية في فرنسا. الدراسة متخصصة ومحددة بفرنسا والفرنسيين الذين التحقوا بالإرهاب انتماء أو مشاركة أو تعاطفا والإرهاب والإرهابيون بشكل عام لا يدخلون في مجال البحث. استنتاجات الدراسة جاءت بناء على المقابلات التي قام بها الباحثون في السجون مع عشرين سجينا محكوما لأسباب إرهابية من بينهم ثلاث عشرة امرأة. وها هي أهم الاستنتاجات المثيرة للجدل في هذه الدراسة..1/ التجذر في الفكر«الجهادي» ليس ظاهرة فردية كما يزعم البعض. 2/ لا يمكن العثور على نموذج يمكن البناء على تجربته والأخذ بها. 3/ الجهاديون تطلق على الإرهابيين من الديانة الإسلامية وهم في الغالب من أصول مغاربية، وهؤلاء لا يمكن خلطهم في نسيج واحد كإدراجهم أتوماتيكيا في عداد أصحاب الجنح الاجتماعية (سرقات ومخدرات..إلخ). ممن يطلق عليهم «الأشقياء» في الأماكن العامة. على عكس هذا التصور السائد، يؤكد الباحثون على أن السير الذاتية للعديد من هؤلاء الشباب تؤكد تعرضهم لتجارب عائلية قاسية تقوم في الغالب على تفكك الأسرة وغياب رب الأسرة ووضع الابن في إصلاحية يتعرض فيها للعنف ومن ثم الهروب «للشارع» وما يعنيه ذلك من البحث عن أي «جهاد» ضمن طائفة قوية وموحدة. 4/ حول الزعم السائد والقائل بأن هؤلاء - وعندما نقول هؤلاء نعني «الجهاديين» أو الإرهابيين- لا يعرفون إلا القليل والمشوه من الدين، أي غير مثقفين دينيا، تشير الدراسة إلى أن الإيمان الذي يتمتع به هؤلاء لا يقل مصداقية وحيوية عن المسلمين الآخرين. 5/ شباب بلهاء وجهلة حول حقائق السياسة العالمية. هؤلاء الشباب على عكس ذلك يملكون معارف بدائية لكنها كافية لأن هؤلاء ينظرون إلى المسائل الدولية من خلال منظورهم الخاص القائم على الإيمان بوجود مؤامرة على الإسلام والمسلمين وذلك مبرر كاف للانخراط في طلائع الإسلام القوي. 6/ مشاعر الهوية. تعمل مشاعر الهوية كعامل قوي للدفع نحو التطرف لأنها مشاعر متطورة لطائفة محرومة بأكثريتها وهذا ما يعنيه التشديد في بداية الدراسة بأن ظاهرة «الجهادية والجهاديين» ليست مسألة فردية. 7/ شباب فارغ يجلسون عاطلين أمام شاشات التواصل لتلفيق قضية مفتعلة. حول هذا القول السائد، تلاحظ الدراسة أن «المواجهة مع الأجنبي» (شبكات تواصل اجتماعي، وفي الرحلات، ومقابلات مع المحاربين الأجانب، التجارب الميدانية)، ذلك كله عامل حاسم في تجذر هؤلاء الشباب في التفكير والممارسة. 8/ الأيديولوجية الصارمة وراء التشدد والإرهاب. تعيد الدراسة التشديد على أن التشدد الجذري «الراديكالي» المتطرف نحو الإرهاب ليس ظاهرة فردية معزولة، مضيفة إن الأيديولوجية الصارمة للسلفية ليست دائما غربالا ضروريا للتقصي حول المشكلة. هل يمكن القول إن ما جاء في استنتاجات هذه الدراسة صحيح؟ هذا تساؤل مشروع لكنه متسرع لأن أغلب ما جاء فيها جرى الحديث حوله والخلاف أيضا. ما يميز هذه الدراسة، أنها دحضت العديد من المزاعم النمطية التي أصبحت في عداد المسلمات والتي ساعد في ترويجها حول الإسلام والمسلمين وكل الأجانب قوى عنصرية منظمة.