الأمن البيئي لا يقل أهمية -بأي حال من الأحوال- عن غيره من الأنواع الأمنية المتعارف عليها، وهو يكتسب مزيدا من الحضور في نشاط وحيوية المجتمعات لارتباطه بمراقبة التلوث البيئي والتغيرات المناخية كالاحتباس الحراري (global warming)، ومراقبة عمليات تدوير المخلفات والنفايات الصناعية، ومراقبة التسريبات النفطية في البحار، ومنع الاعتداء على المحميات الطبيعية وإنقاذ الأشجار الصديقة للبيئة من الاحتطاب.. بل وارتباطه بالصحة والأمراض بشكل عام. وعمليات (اختراق الأمن البيئي) لها عدة وجوه مدمرة على المجتمعات والشعوب، منها انتشار العدوى والآفات المرضية أو انتشار الآفات البيئية والتصحر واختراق طبقة الاوزون التي تعتبر الغلاف الواقي للأرض من تأثير الأشعة فوق البنفسجية التي بسببها يصاب كل عام حوالي (2) مليون نسمة بسرطان الجلد. الإنسان ابن البيئة، فمن لم يحسن احترامها وتقديرها والعناية بها وحمايتها من المهددات والمخاطر سيواجه مشكلات تتعلق بحياته وصحته ومستقبل كوكبه، وارهاصات هذه المشكلات تجلت باعتراف العلماء - مؤخرا - من أن الأرض قد زادت حرارتها ما يقارب (0.5) درجة مئوية عنها منذ 100 سنة، كما تجلت في انحسار الغابات الإثيوبية التي كانت تغطي 44% من مساحة إثيوبيا ثم أصبحت - اليوم - لا تزيد على 4% فقط، ويقول العلماء: ما لم تتخذ دول العالم خطوات عملية حاسمة فإنه من الممكن أن ترتفع درجة الحرارة في الجو عاليا إلى 4 درجات مئوية في عام 2100م، وهذا الارتفاع مماثل للحرارة التي أنهت العصر الجليدي الأخير. تقول منظمة الصحة العالمية، إن هناك أسبابا رئيسة للسرطان هي التدخين، والتغيرات والعوامل البيئية بما فيها الإشعاع والتلوث البيئي، ودخول مواد كيميائية إلى الغذاء، وفي هذا الأخير تقول إحدى الدراسات التي اجريت في الولاياتالمتحدة بمعهد سايلانت سبرينغ إن اغلفة الوجبات السريعة والمعجنات تحتوي على مواد كيميائية قد تسهم في زيادة خطر الإصابة بأنواع من السرطان، وهنا أقول إننا في دول مجلس التعاون الخليجي نحتوي أكثر من 60 مصنعا تعمل في إنتاج مواد لها علاقة بالوجبات السريعة، وهنا أطالب بإنشاء جهات متخصصة تعنى بالأمن البيئي، فربما أن هذه (الأغلفة) أو منتجات هذه المصانع تقف خلف الاختراقات لأمننا البيئي، وربما تقف خلف زيادة عدد المصابين بمرض السرطان في المملكة الذين تزيد نسبتهم على 11% سنويا، وليس هذا فحسب.. بل أطالب بجهات متخصصة تعنى بالبيئة البحرية والبرية والجوية؛ حتى لا نفقد التوازن البيئي الذي هو أصل الحياة الطبيعية. إن إنشاء هيئة للأمن البيئي بفرعيها (الوقاية، والمكافحة) سيكون مؤازرا لمراكز الأبحاث والدراسات البيئية ولأعمال الهيئة السعودية للحياة الفطرية ووزارة الزراعة وهيئة السياحة والجمعية السعودية للعلوم الزراعية وكل جهة بيئية وعلمية ذات صلة، وهذا سيمنح بيئتنا الحق الطبيعي في التوازن البيئي وسيسهم في الحفاظ على الموارد الطبيعية وحمايتها وسيمنع مخاطر التلوث وسيكافح الجرائم البيئية.