بينما ونحن في السيارة لطريق العمل نبهتني زميلتي الى برنامج صباحي يذاع عبر إذاعة السيارة سمعته يناقش فقرة عن النوم، لم أنتبه في بادئ الأمر بسبب انشغالي مع هاتفي، هي كانت في تعجب من اختيار فقرة النوم كفقرة للمناقشة، في حين وجود فقرات قد تكون أهم للمستمع من النوم. نبرة التعجب تلك التي شعرت بها في صوتها جعلتني أسأل نفسي هل أصبح من السهل الاستهانة بعقلية المستمع أو القارئ أو المتابع للمشهد الإعلامي إلى هذا الحد؟ وهل فقد الكادر المعد للبرامج الإذاعية احترافيته في اختيار ما يهم المستمع؟ وما البرامج التي تُشبع رغبة المستمع عبر الإذاعة في الوقت الحالي؟ الاستهانة بعقلية القارئ ليست قضية تستوجب المناقشة بقدر ما هي مصدر من أهم المصادر التي تغذي بعض الوسائل الإعلامية وركزوا على عبارة «بعض»، لأن تلك الوسائل تجد أن المتابع لها مصدر أكثر من أن يكون جزءا من جمهور يوجه إليه محتوى هادف. بمحض الصدفة وأثناء متابعتي لبعض التغريدات على تويتر استوقفتني تغريدة بين فيها صاحبها أن منافذ الإعلام مهما كثرت إلا أنها تستغل القارئ في عرض محتواها على عكس مواقع التواصل. وهذا يوضح أن مواقع التواصل شغلت مفهوم الإعلام بشكل أفصح دون أن تستهين بعقلية متصفحها، وأتاحت له حرية التعبير رغم مناداتنا بما يضمن الحرية الوسطية في التعبير عليها. بالنسبة لاحترافية معد الحلقة الإذاعية التي توجه للمستمع أو معد الطبخة الصحفية الموجهة للقارئ أو معد المشهد الموجه للمتابع، قد لا يراعي أحيانا حاجة الجمهور إلا فيما يقتطفه من مواقع التواصل. حقيقة اليوم لم تعد برامجنا ولا حتى موادنا تصل للسقف المطلوب بقدر ما هي اكتفاء لما يجب أن يعرض للجمهور، بمعنى أن اتجاه الوسائل الإعلامية أصبح اتجاها أُحاديا لا يتسم بالتغيير، الأمر الذي أتاح الفرصة أمام وسائل جديدة استطاعت أن تثبت وجودها في ظل التغيرات الطارئة. أما ما يشبع رغبة المستمع فيرجع للخصائص المدروسة لنوع الرسالة المقدمة ونوع الجمهور المستهدف والمصدر الذي سيدعم ما يقدم للمتابع.