للمرة الثالثة خلال عامين يجتمع سمو ولي ولي العهد مع القيادة الروسية، وتشهد الجولة الثالثة الحالية من الاجتماع توقيع أربع اتفاقيات تعاون بين البلدين الصديقين من شأنها أن ترفع وتيرة الصلات المثمرة بينهما، لا سيما فيما يتعلق بالمجال الاقتصادي، ويتضح أن المملكة من خلال هذه الزيارة والزيارات السابقة للولايات المتحدة ماضية قدما لعقد سلسلة من الشراكات في مجالات اقتصادية وصناعية متعددة لتحقيق أقصى المصالح المشتركة بينها وبين الدول المعنية بالشراكة. ويهم المملكة أن ترسخ تعاونها مع موسكو في المجال النفطي للوصول الى أفضل الأوضاع المؤدية الى استقرار الأسعار في الأسواق الدولية، لا سيما في ظل اتفاق منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» مع منتجين عالميين تقودهم روسيا لتمديد خفض الإنتاج لفترة جديدة، وهو تمديد يعني تجفيف تلك الأسواق من النفط الفائض حفاظا على أسعار مستقرة وحفاظا على مصالح المنتجين والمستهلكين لهذه السلعة الاستراتيجية في كل مكان. والمملكة التي تسعى لوضع رؤيتها الطموح 2030 موضع التنفيذ، تطمح الى إنشاء شراكات تعاونية متعددة مع الدول الصناعية الكبرى، وكما وقعت مع الولاياتالمتحدة سلسلة من الاتفاقيات التعاونية المثمرة في مجالات صناعية متعددة هاهي اليوم تبرم عدة اتفاقيات مع موسكو لبلورة تلك الشراكات لما فيه مصلحة المملكة ومصالح تلك الدول، وهي شراكات سوف تعود بمنافع عديدة ومردودات اقتصادية ايجابية على المملكة وعلى الدول المعنية بتلك الشراكات. من جانب آخر، فإن سمو ولي ولي العهد سوف يبحث مع القيادة الروسية ملفين هامين هما الملف الإيراني والملف السوري، وتركز المملكة على وقف التدخل الإيراني السافر في الشأن الداخلي لدول المنطقة، حيث أسفر هذا التدخل وما زال يسفر عن مزيد من الاضطرابات في المنطقة وإطالة أمد الحروب في بعض دولها، وهو تدخل رفضته كافة دول العالم دون استثناء فهو مدعاة لعدم استقرار وأمن دول المنطقة. وتركز المملكة من جهة أخرى على أهمية إنهاء الحرب الدائرة في سوريا بطريقة تكفل للسوريين حريتهم وسيادتهم على أرضهم وتحول دون تدخل التنظيمات الإرهابية في بلادهم، وتسمح للمهجرين السوريين في كثير من أمصار وأقطار العالم بالعودة إلى ديارهم، فالحرب الضروس في هذا البلد أدت الى زعزعة أمن المنطقة وزعزعة استقرارها واستمرارها يمثل خطرا محدقا على مصالح الدول العربية كلها. والملفان الإيراني والسوري يرتبطان بأهمية احتواء ظاهرة الإرهاب واجتثاثها أينما وجدت، فقد وجدت تلك الظاهرة مناخا مواتيا من خلال التدخل الايراني في شؤون المنطقة ومن خلال الحرب الدائرة في سوريا، وهو مناخ أدى الى استعراض الارهابيين عضلاتهم في العراقوسوريا واليمن، فالوصول الى تسوية عقلانية تنهي التدخل الإيراني في المنطقة وتحول دون استمرارية الحرب في سوريا؛ سيؤدي إلى كبح جماح تلك الظاهرة واستئصالها.