ظل المنتخب السعودي في أيام أمجاده الماضية بمنأى عن تعصب الجماهير الرياضية وغمز ولمز الإعلام وكان يستهجن أي قول يحاول فيه أحدهم تفضيل لاعب على آخر تبعا لما كان من ألوان ناديه كما لا يسمح أن يعزى الانتصار للاعب دون آخر فلم يشعر أحد بتميز الحارس عن المهاجم أو المدافع عن لاعب الوسط وكان للاحتياط قيمة الأساسي فهم منظومة واحدة شغفها الوطن حبا فبذلت ما بوسعها من الجهد لرفع رايته فكان منتخبا لكل السعوديين ولجميع أطياف المجتمع كبيرهم وصغيرهم غنيهم وفقيرهم.. ولكن وآه من لكن.. دب الضعف في مفاصل الكرة السعودية وبدل أن يتفرغ الإعلام للنقد البناء ظهر جيل من إعلام الميول معه تسربت ثقافة دخيلة على الوسط الرياضي تكرس التعصب للأندية ولاعبيها حتى أصبح خلو القائمة منهم سببا في تحريض الجمهور على المنتخب ومسؤوليه وتشجيعهم على مقاطعة مدرجه فشهدت مشاركات المنتخب خلو المدرجات وقيام البعض بحمل أعلام بعض الدول في أسوأ منظر يمكن أن يراه لاعب يمثل المملكة وفوق أراضيها. وظل المنتخب ينزف وجماهيره تزداد بعدا وجفاء وهم في غيهم سادرون.. حتى قيض الله للرياضة السعودية من يقيل عثرتها وبدأ المنتخب يتلمس طريق العودة وينتصر وتلتف حوله الجماهير من مختلف الميول ليتلقى الإعلام المتلون صفعة مدوية تمثلت في وعي رواد المدرجات بواجبهم الوطني تجاه منتخبهم ورفضهم إملاءات البعض وتجييشهم ضده بضم فلان وإبعاد غيره وكان تلاحم المدرج سببا بعد توفيق الله في أن يحصل المنتخب على نقاط هامة نصبته على رأس مجموعته في التصفيات الآسيوية.. وبدا لنا أن مدرجات المنتخب قد تطهرت من رجس التعصب أو هكذا توهمنا حتى صدمنا بمن يعيدنا للمربع الأول من جديد بحديث متشنج لم يكن غريبا ففاقد الشيء لا يعطيه لكن الأغرب أننا لم نستفد من دروس الماضي ونتيح الفرص للمتعصبين المحتقنين لشحن الجمهور الرياضي وتأليب الرأي العام وترسيخ فكر المؤامرة في منابر الإعلام المرئي والمسموع.. فعندما يظهر رئيس رابطة مشجعي أحد الأندية متعصبا مزايدا على تشجيع وطنه لأجل ناديه وعازما على تركه لأجل قطعة قماش حوت بعض العبارات المخالفة ويتهم ناديا بترتيب ذلك كذبا وزورا فيتلقفه الإعلام المتعصب ويدعمه فذلك بداية الانتكاسة وإن لم يكن للجهة المخولة بالحد من التعصب دور في وأد ما يمس الوطن بصلة تعصب ومعاقبة مثيري الفتن كما يعاقب مثيري الشغب إن لم يكن أشد فالعواقب وخيمة.. يكفي أن يتعصبوا لأنديتهم ويغنوا في مدرجاتهم ما يشاءون ولو كان غير لائق فكل مدرج بما فيه ينضح.. لكن حذار حذار أن يجعلوا المنتخب طرفا في صراع التعصب أو يمنوا عليه بالتشجيع والدعم فلولا الوطن ما كانوا.. ولا عرف بهم أحد..