التعصب يعني التحمّس والانحياز لشيءٍ ما.. والمتعصب هو مَن يرى ما يحب أن يراه، ويسمع ما يحب أن يسمعه، ويتحدث عما يحب ويهوى! والمتعصب يُصادر رأي الآخرين ويلغي انتماءاتهم وتوجّهاتهم! والتعصّب يتعدّد ويتنوّع.. فهناك تعصُّب مذهبي وتعصُّب قومي وثالث رياضي... إلخ.. ويهمنا التعصب الرياضي الذي بات ناقوس خطرٍ يهدّد وحدتنا، وله آثاره على مجتمعنا! يروي التاريخ أن التعصُّب الرياضي بدأ بالألفاظ البذيئة بين الجماهير، وتطورت تلك العلاقة إلى اعتداء المشجّعين على اللاعبين وحكام المباريات، واستمرت الصورة في الشجار والاشتباك بين جماهير الفريقين داخل أسوار الملاعب، وانتهت فصول الكارثة بعد أن نقل المشجعون شجاراتهم إلى خارج الملاعب في أسوأ حالات العنف معلنين بذلك استمرار الضحايا كرويًا!! قد تجد مبررًا لذلك اللاعب المتعصب، وذلكم المدرب المشحون بالتعصب، لكنك لا تجد عذرًا لمن هم خارج الملعب، ولمن لم يكن مدربًا في المباراة ولا لاعبًا أضاع أهدافًا محققة، ولا إداريًا تدخّل في التشكيلة!! ولا عضو شرف لم يدفع أكثر لجلب محترف!! في المدرجات السعودية لم تصل الأمور إلى الشغب الذي قد يُمارس في بعض الدول، لكن بات التعصُّب واضحًا بين المشجّعين مِن هتافاتٍ سلبية، وشتم اللاعبين وقبائلهم ومن خلفوهم، والتشكيك في وطنيتهم! قفزت إلى ذهني وأنا أكتب هذا المقال بعض القصص المأساوية التي قرأتها، وحدثت في البيوت وبين الأسر، وهم ضحايا كروية بعد أن نقل المتعصب تعصبه من ساحة الملاعب إلى خارجها..! زوجة تدعو الله أن يصبّرها على العقال عندما يخسر فريق زوجها!! زوجة تدعو الله أن يصبّرها على العقال عندما يخسر فريق زوجها، وأخرى انكب عليها «الشاي»؛ لأن نادي محبوبها تمرغ من خصمه!! وأخرى انكب عليها «الشاي»؛ لأن نادي محبوبها تمرغ من خصمه!! وثالثة طرد والدها من بيت زوجها بسبب تشجيعه فريقًا خصمًا لفريق زوجها!! ورابعة كانت خسارة فريق زوجها كفيلة بنعتها بالمطلقة!!! ليس بمقدور أحد أن يعيب الميول الرياضية، فالإعجاب فطرة، وللناس فيما يعشقون مذاهب، ولأن الرياضة خاصة كرة القدم لعبة جماهيرية يتابعها الصغار والكبار، ومادة دسمة للإعلام القديم والجديد!! لكن الذي يعاب عليه «المتعصبون» شدة الإعجاب والإفراط في التشجيع الذي يحملهم على أن يتنازلوا عن أخلاقهم ولو لساعاتٍ، وينزعوا إنسانيتهم ويلبسوا لباس «الوحوش» التي تفترس من أمامها!! ويصل العيب أشده وتثار علامات التعجب لما يمتد التعصب إلى من هم خارج الملاعب، ولما يتعدى أثر التشجيع إلى مَن لا ناقة لهم ولا جمل في المباراة!! للإعلام دور في إذكاء التعصب الرياضي عبر البرامج التي يبثها، وعبر المحللين الذين يُستضافون على شاشات القنوات وحتى أعضاء الفرق يتحمّلون جزءًا من المشكلة من خلال تصريحاتهم التي تستفز الأندية الأخرى! فهل يدرك كل مهتم بالرياضة حقيقة الكرة وأنها فوز وخسارة ومرة لك ومرات عليك!! والأهم هل فهمنا حديث: المسلم مَن سلم المسلمون من لسانه ويده»؟!!