يقضي الموظف باكورة حياته في عمله خادماً لوطنه قبل أن يمر بمرحلة بلوغ السن النظامية التي يحال فيها إلى التقاعد للاستفادة من أوقاته، وإنجاز كل الأعمال الشخصية العالقة التي تم تأجيلها في مراحل العمر المختلفة، هؤلاء يقدمِون على التقاعد ويهدفون إلى التمتع بما تبقى من الحياة بعيداً عن ضغوط العمل. فالتقاعد مرحلة مهمة في حياة جميع الموظفين، بل إن العاملين في بعض الدول يتشوقون كثيراً للتقاعد فهي مرحلة جميلة بكل ما فيها من متغيرات، فهذا المتقاعد كنز نفيس ذو خبرة تراكمت على مر السنين، فهل تُقدر بعض الجهات هذا الكنز؟. في الايام القليلة الماضية تقاعد عدد من الزملاء وأقامت الإدارة لهم حفل تقاعد أشبه بالزواج الجماعي، وكان أحدهم يحدثني وقد وضحت عليه علامات التأثر، كيف كان تكريمه من جهة عمله بعد خدمته لأكثر من 35 سنة وختم مشوار حياته العملية بهذه الطريقة، حيث استطرد قائلاً: استأجرت جهة عمله قاعة أفراح وعند وصوله فوجئ بعدد ليس بالقليل من المتقاعدين المستهدفين للتكريم لا توجد لهم أماكن وعند السلام على راعي الحفل تسلموا شهادات ليس بها أسماء وبعد التصوير مع راعي الحفل طلبوا منهم الذهاب إلى طاولة الدروع التذكارية والكل يبحث عن اسمه ويأخذ الدرع بنفسه، واختتم الحفل الكريم بوجبة العشاء التي لم تكف بعض المتواجدين من المتقاعدين وخرجوا من حفل تكريمهم بلا تكريم. هذه كانت نهاية مشوار لموظفي تلك الإدارة التي لم تكن على استعداد لحفل تقاعد منسوبيها. كان من الأجدر عدم إقامة هذا الحفل من الاساس حتى لا يخرج بهذه الطريقة، فقد أصبح نهاية المشوار ذكرى مؤلمة لبعض المتقاعدين لعدم تقديرهم وتكريمهم بشكل يليق بعطائهم طوال هذه السنين، لا يعلم قيادات تلك الإدارة ما الاثر النفسي الذي يتركه تكريم أهل العطاء والوفاء إن أحسنوا التنظيم وتقدير رجال عملوا من أجل وطنهم إلى آخر يوم.. وأخيراً أقول للإخوة المتقاعدين لا تنتظروا شكراً من رؤسائكم في العمل الذين لا يقدرونكم حق التقدير فأنتم أصحاب رسالة جليلة فالعمر فيها مؤشر جيد على حب الحياة، والإقبال عليها، لأن المتقاعد يستطيع أن ينطلق إلى حياة خاصة مليئة بالنشاط والحيوية والإثارة والمتعة، فالسن النظامية للتقاعد ليست نهاية العالم، إنما هي بداية مرحلة جديدة مفيدة يخرج فيها المتقاعد من جو الملل والرتابة اليومية في العمل إلى الحياة الواسعة الرحبة الفسيحة، خصوصا وأن كثيرا من العاملين يصلون إلى هذه السن وهم في صحة جيدة تساعدهم على الإبداع والتميز.