في شهر رجب من كل سنة يغادر كرسي الوظيفة الحكومية اعداد من الموظفين الذين بلغوا السن القانوني، او بدا لهم ان يترجلوا لمواصلة مشوار حياتهم الخاصة، فقد تحدثت عما بعد التقاعد في مقال سابق، اما هذه الاسطر فهي عما قبل التقاعد عن الوظيفة الحكومية لا عن الحياة العملية، حيث تتكرر علينا هذه المناسبة كل سنة، وقد جرت عادة الجهات الوظيفية بتكريم المتقاعدين في احتفال يرعاه المسؤولون في كل جهة، وهذه لا شك من صور الوفاء المهمة، وأهم منها ان نسعى لتوفير كافة حقوق الموظف المادية بحيث لا يحتاج الى جهود مضنية بعد تقاعده لاستيفاء حقوقه مما يضعف انتماءه وحبه لوظيفته، بل ان المنتظر من الجميع تهيئة الجو الوظيفي النقي من الخلافات والأكدار، المملوء بالمحبة والتواصل والتعاون، فلا يغادر الموظف وظيفته الا وقد عبر له الجميع عن مكانته لديهم، وتقديرهم له، معتذرين له عن كل خطأ، وقد عفوا هم عن كل ما صدر منه، فيشعر الموظف بالتقدير المعنوي على ما بذل من جهود وظيفية خلال سنوات عمله الطويلة، مما يترك الأثر الكريم في نفسه، لاسيما ان كان ذلك من رؤسائه في العمل الذين تمثل نظرتهم لعمله وتقديرهم له أهمية كبيرة عنده، فتلك الشهادة من زملائه ورؤسائه ومرؤوسيه وثيقة يفتخر بها الموظف ويعتز، وتعزيه على مغادرة كرسي الخدمة التي قضى فيها اكثر عمره، وان كنا نؤكد على ان حياة المتقاعد العملية لم تنته بالتقاعد بل ابتدأت حياة آخرى يخدم فيها وطنه في مجالات كثيرة، ويبني فيها علاقات جديدة، ويتفرغ لمشاريعه العائلية والاجتماعية والتجارية وغير ذلك من مجالات الحياة الكثيرة والمتنوعة، والتي لازال كثير من الموظفين بحاجة لمعرفتها ليستنير له الطريق بعد تقاعده، ولذا فأتمنى من الجهات المعنية تقديم الدراسات التي ترفع من شأن المتقاعدين وتفعل دورهم التنموي والاسري والاجتماعي، فمن المهم تقديم الاستشارات للموظفين قبل تقاعدهم وعقد دورات تعريفية لهم، وتهيئتهم لمثل هذه الحياة التي تنتظرهم مما يمكنهم من خدمة دينهم ووطنهم واستثمار خبراتهم بشكل افضل، هذا ما نتمناه وننتظره، مع شكرنا لما تبذله المؤسسة العامة للتقاعد وجمعية المتقاعدين والادارات المعنية من جهود كبيرة، بتوجيه ورعاية كريمة من ولاة أمرنا يحفظهم الله، وليس هذا كثيراً على الموظف المعطاء في بلد العطاء والوفاء.