الفوضى التي يفتعلها أهل الدار، أعنف بكثير من تلك الأزمات التي تأتي من خارج الأسوار، فهم يجعلون من الحبة قبة حتى تمتد في ساحتهم وتحرق الأخضر واليابس. ومشكلة الوسط الرياضي الأزلية أن منظومته الشرفية والإدارية والجماهيرية وآلياته الإعلامية، لا تجيد فن الوسطية عند الانتصار أو الإخفاق، وهذه المعضلة ليست وليدة اللحظة، بل هي داء مزمن عاناه الرياضيون بمختلف انتماءاتهم كثيرا. الأدهى أن كل الذين يوجهون سهام النقد اللاذع حاليا لسوء الأوضاع هم من شجعوا حالة الفوضى من قبل، وكانوا يتفاخرون بها، أعماهم عن التفكير ولو للحظة عن المستقبل حتى وقع الفأس في الرأس. النقد أصبح محطة معقدة ومتشعبة.. لذلك يتطلب منا النظر إلى المسألة باستبصار أكثر.. ومقاربة الموضوع بزوايا متعددة.. لأن الأصل فيها «الطاسة» ضائعة.. والتقليد نهج متخبط.. والسهام توجه للضعيف أو الجدار الهبيط.. دون أن تمس الجهات المعنية بالقرار بأي نقد حتى ولو كان ناعما.. أو حتى تطبيلا مخففا. نستعرض عضلاتنا على الضعيف ولا بأس بذلك لأنهم في سياق اللعبة.. واصابع تحيد عن المنطق.. لكن نغمض أعيننا عن أصل الحقيقة.. وعن خارطة الطريق للوصول لبحرها وبرها ومنتجعاتها.. وشوارعها غير المرصوفة.. ومبانيها المتهالكة. تلك الخريطة التي تدلنا على المحطة الكهربائية لتوليد طاقة الاحتراف.. هي الأصل والأساس.. فما يخرج منها من وقود لا يكفي أبدا لإضاءة الطريق المبرمج نحو تحقيق الأهداف المعلنة.. وهو وجود ما يفي بالاحتياجات الأولية.. لذلك تتوهج هذه الإضاءة تارة.. وتختفي في أحيان كثيرة بدون «فلسفة زائدة». كل الذهنيات تتفتق بالنقد والتحليل دائما من زاوية واحدة دون أن تتطرق لأصل المشكلة. باختصار الوسط الرياضي بحاجة للغة الوسطية في حالتي الانتصار والاخفاق الآن فالمطلوب إعادة العربة لسكة التصحيح لحل العديد من المعضلات. هذا الخلل في الأصل يفتح لنا قواعد المشكلة بوضوح تام.. وما دام الأساس في البنيان مترهلا.. فمن الطبيعي جدا أن يكون ما فوقه متصدعا وقابلا للسقوط في أي لحظة.. وهذه حقيقة علمية في جميع المجالات وليس فقط في المجال الرياضي.