مشكلة النصر الأزلية أن منظومته الشرفية والإدارية والجماهيرية وآلياته الإعلامية، لا تجيد فن الوسطية في حالتي الانتصار والأخفاق، وهذه المعضلة ليست وليدة الإدارة الحالية، بل هي داء مزمن عانى منه العالمي كثيرا في تاريخه القديم والجديد. والأدهى أن الفوضى التي يفتعلها أهل الدار، أعنف بكثير من تلك الأزمات التي تأتي من خارج اسواره، فهم يجعلون من (الحبة قبة) حتى تمتد في ساحتهم وتحرق الأخضر واليابس. كل الذين يوجهون سهام النقد اللاذع حاليا لرئيسهم أو إدارتهم لسوء الأوضاع هم من شجعوا حالة الفوضى في الصفقات المحلية بمبالغ خيالية، وكانوا (يتفاخرون) بكل صفقة وكل توقيع، وهم يعلمون علم اليقين أن هناك الكثير من لاعبيهم ونجومهم لم يستلموا مقدمات عقودهم ومستحقاتهم، ولكن التوهان في مسلسل النيل من الآخر، أعماهم من التفكير ولو للحظة في مستقبل ناديهم المدمر نتيجة السباق في حصد الصفقات المبالغ فيها من الناحية المادية حتى وقع الفأس في الرأس. والغريب في الأمر أنهم انقلبوا على رئيسهم في أول اختبار حقيقي لفريقهم عندما تراجع في مطلع الموسم، وصبوا الزيت على النار، وكأنهم ليس من شجع ودافع حتى النخاع للسياسة التي كان الجميع يتوقع أنها ستؤول إلى ما لا يحمد عقباه. ونالت الأصوات النصراوية القليلة التي كانت تنادي بإيقاف هذه السياسة المدمرة نصيبها من الشتم والاستهزاء من قبل الجماهير ومناصري الإدارة من حملة القلم والصوت الفضائي. الآن وقد حدث ما كان يتوقعه بعض النصراويين المخلصين، فان المطلوب إعادة العربة لسكة التصحيح، لاسيما من تحمل الشرفيين دورهم التاريخي في حل العديد من المعضلات المالية، لأن تغيير المدرب ليس لب المشكلة، والعارفون ببواطن الأمور يعون ذلك جيدا، والمسكنات الوقتية لتخفيف الألم لن تجدي نفعا، فالتشخيص الصحيح هو الذي يؤدي لعلاج ناجع. حتى مغادرة الرئيس منصبه، ليس حلا من وجهة نظري، فرغم الأخطاء التي حصلت في عهده، لكنها لا تقلل من نجاحه الباهر في عودة النصر لمنصات التتويج، ولكنه في نفس الوقت مطالب بتقديم التنازلات من أجل احتواء بعض الشرفيين المؤثرين. أعود وأكرر أن النصر بحاجة للغة الوسطية في حالتي الانتصار والاخفاق.. وكفى..!!