تأخر رواتب المحترفين في الأندية السعودية .. محطة معقدة ومتشعبة .. لذلك يتطلب منا النظر إلى المسألة باستبصار أكثر من خريطة .. ومقاربة الموضوع بزوايا متعددة .. لأن الأصل فيها «الطاسة» ضائعة .. والتقليد فيها نهج متخبط .. والسهام توجه للضعيف أو الجدار الهبيط وهو "لجنة الاحتراف" .. دون أن تمس جهات القرار بأي نقد حتى ولو كان ناعما .. أو حتى تطبيلا مخففا..!! نتشاطر ونلسع اتحاد الكرة .. وهذا جزء من الحقيقة .. ونستعرض عضلاتنا ضد لجنة الاحتراف .. وهذا أيضا ضمن بنود الحقيقة .. ونحشر هيئة دوري المحترفين .. ولا بأس بذلك لأنها في سياق اللعبة .. والاتهام لها في هذا المضمار لا يخرج عن المنطق .. لكن نغمض أعيننا عن أصل الحقيقة .. وعن خارطة الطريق للوصول لبحرها وبرها ومنتجعاتها .. وشوارعها غير المرصفة .. ومبانيها المتهالكة ..!! تلك الخريطة التي تدلنا على المحطة الكهربائية لتوليد طاقة الاحتراف .. وهي الأصل والأساس .. فما يخرج منها من وقود لا يكفي أبدا لإضاءة الطريق المبرمج نحو تحقيق الأهداف المعلنة .. وهو وجود احتراف متنامي يفي بالاحتياجات الأولية .. لذلك تتوهج هذه الإضاءة تارة .. وتختفي في أحيان كثيرة .. والمقصود بدون «فلسفة زائدة» .. إن المليون ونصف المليون ريال كإعانة احتراف من الدولة لأندية زين .. لا تكفي حتى للسير كيلو متر واحد في شارع مضاء بالأنوار .. والمطلوب هو تخطي 100 كم بعربة الاحتراف .. وهذا التناقض يوصلنا لحقيقة دامغة وهي أن الأزمة ستطول وتطول .. إذا لم تجد الدولة ممثلة في وزارة المالية حلا سريعا لزيادة معدل إعانة الاحتراف ..!! هذا الخلل في الأصل يفتح لنا قواعد المشكلة بوضوح تام .. وما دام الأساس في البنيان مترهلا .. فمن الطبيعي جدا أن يكون ما فوقه متصدعا وقابلا للسقوط في أي لحظة .. وهذه حقيقة علمية في جميع المجالات وليست فقط في المجال الرياضي .. وهذا من وجهة نظري ما يفسر لنا تسلسل الأخطاء فيما بعد سواء من اتحاد الكرة أو الأندية في ملف رواتب المحترفين في الأندية السعودية .. علما أن هناك سلسلة من الأخطاء .. وإن صح التعبير التجاوزات من لجان في اتحاد الكرة والأندية أزمت المشكلة أكثر وأكثر .. ولكن الضحية في كل الأحوال هو واحد .. واعني به اللاعب المحترف ..!! نعم النتائج والأسباب لهذا الملف متجانسة ومتناغمة من الأصل إلى الفروع .. بيد أنني سأنطلق من ممكنات أخرى فيها الكثير من علامات الاستفهام .. وعدم جدية المراقبة من اللجان المعنية باتحاد الكرة حتى للنزر القليل ..والفتات الذي يصل الأندية من إعانة الاحتراف .. حيث تصرف هذه الأندية هذا الفتات على عقود اللاعبين الأجانب .. وتعطل رواتب المحترفين المحليين .. وأعتقد جازما أن لجنة الاحتراف تستطيع أن تتدخل على الأقل في هذه الجزئية لعلاج جزء من المشكلة وليست كلها .. بمعنى أن تكون ميزانية الاحتراف للمحترفين المحليين فقط ..!! لا أعرف حقيقة لماذا نركز في نقدنا لهذا الملف على اتحاد الكرة والأندية .. دون رفع الصوت عاليا لانتقاد الميزانية الممنوحة للاحتراف للكرة السعودية .. وهي ميزانية قليلة جدا لا يمكن أن تتواكب مع طموحات الشارع الرياضي السعودي .. بل إنها لا تفي لاحتياجات ناد واحد من دوري زين للمحترفين.. ف (21) مليون تقريبا ل 14 ناديا بمعدل مليون ونصف المليون ريال لكل ناد هو أشبه بالعجز الحقيقي لتحقيق طموحات الرياضة السعودية .. !! كل الذهنيات التي تتناوب بالنقد والتحليل في هذا الملف .. دون أن تتطرق لأصل المشكلة .. وهي ضعف ميزانية الاحتراف .. أعتقد أنها لم تتناول الموضوع إلا من خريطة واحدة .. ومن زاوية واحدة كذلك ..!!