أصبح الحدث لافتا ومضيئا منذ انطلاقته، حلم يتحقق للقائمين عليه ولعشاق الفن السابع وللحالمين بالسينما كفن، كرسالة تجسدها الصورة، ثمة رؤى ووعي وعقول تناضل من أجل تجسيد ذلك الحلم ليضحى حقيقة لا خلاف عليها. مهرجان أفلام السعودية أضحى ملمحا مضيئا لثقافة الدمام ولجمعية الثقافة الأم منذ انطلاقته ومنذ تبنيه بحماس وفاعلية، فقد استطاع خلال أعوام قليلة أن يجمع هذا الحشد الذي ضمته خيمة إثراء بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي والذي أذهل الجميع بوعيه واهتمامة وحرصه على الحضور والمشاركة في الفاعليات التي صاحبت العروض. وهذا الأمر يكشف عن جوانب كثيرة لا تتجسد فقط في الوعي بدور السينما كفن له تأثيره وجمالياته، وإنما في محاولة المعرفة التي تسعى للإجابة عن أسئلة كثيرة طرحت وأجيب عنها في العالم ولعل السؤال الأبرز يتمثل في كيف يمكن توظيف هذا الفن ليعبر عن ذواتنا، عن حياتنا، عن قضايانا؟ هذا ما حاولت أن تجيب عنه بعض الأفلام التي طرحت في المهرجان والكلمة التي ألقيت من الشاعر أحمد الملا المشرف على المهرجان ومن آخرين. بقي هنا أن أؤكد على عشق الشباب للانطلاق بهذا الفن إلى رؤى مغايرة، ولعل عدد من تقدموا للاشتراك بالمهرجان يؤكد ذلك. ان السينما هي الفن الوحيد القادر على كسر الحاجز الذي تزداد سماكته دوما والذي يقف بين العمل الفني والمتلقي، لأنها فن «إتاحة الرؤية» ووسيلة المعرفة الجيدة لفهم العالم، والمشاركة الإنسانية وذلك لطبيعتها كفن جماهيري. إن كاتبا ك «روبرت بريسون» وضع أيدينا على حقيقة هامة، حينما قال: «السينما ليست مشهدا بل هي كتابة» فهو لا يكتب داخل «البلاتوه» بل يجب أن يكون موجودا على الشاشة. السينما ليست صورة لشيء بل إنها هي بذاتها شيء، فهل يمكن لهذا المهرجان ان يستمر ويسهم في تطوير هذا الفن في المملكة؟ إشارات وردود أفعال ما بعد المهرجان من جهات عديدة تعطي ملمحا مضيئا للتحقق.