تفز لها القلوب، وتتفتح بها العقول، وتتقدم بها الشعوب، وتعيش على ذكرياتها، هي كرة القدم الاسم الجامع لمختلف التوجهات، وهي المحطة التي تذوب عندها كل الخلافات والاختلافات، وتتوحد فيها الكلمة بحثاً عن مستقبل أفضل. حتى لو عشنا في كوكب الذهب والرفاهية، وسرحنا في ذكريات الماضي عندما نضع رؤوسنا على وسادة السنين، تبقى كرة القدم هي المتنفس الحقيقي للجماهير السعودية بعدما خطفت الجوهرة المشعة ألباب الجميع وتعلقت بها دقات القلوب، وحبست انفاس صدورنا منتظرين صافرة الحكم الاوزبكي فالنتين كوفالينكو معلناً فوز الصقور الخضر وتحليقهم بالنقطة السادسة عشرة على طريق مونديال روسيا. ليلة الامس عاش الوطن فرحة فوز المنتخب السعودي لكرة القدم على نظيره العراقي، ليقترب خطوة جديدة من التأهل الخامس للمونديال. كأن لحظات الفرح ترفض الظهور إلا بمعانقة الانتصارات على البساط الأخضر، حتى لو سبحنا في بحر الترف، فنفوسنا تظل تواقة لصرخات المدرجات وفرحة اللاعبين وطرق احتفالاتهم باحراز الأهداف. البارحة تكررت الفرحة، حيث أوفى اللاعبون بوعدهم واسعدوا الجماهير في ليلة كانت فيها الفرحة بالإنجاز لا بالاحتفال، ومنجزات كرة القدم السعودية كثيرة والقادم سيكون أحلى. في الجوهرة المشعة إشعاع المدرج كان جلياً، فالألوان كلها توحدت لمساندة الاخضر في أهم المحطات نحو روسيا، فالجميع كان حاضراً وقدم نموذجاً يحتذى به في أمسية مثالية عنوانها الفرح والسعادة. يحيى الشهري او الموسيقار الجديد أثبت النظرة الثاقبة للهولندي فان مارفيك، فالجميع كان يستغرب استمرار الشهري في توليفة الأخضر، وأثبت ان المهارة هي صاحبة الكلمة العليا في اوقات الحسم. الشهري أكد صحة إستراتيجية مارفيك وهي أن اللاعب الذي يمثل الأخضر يبقى مستواه ثابتا مهما تراجع مع فريقه في المنافسات المحلية. هذه ظاهرة يجب التوقف عندها كثيرا، ورفع القبعة لمارفيك الذي نجح في فصل أداء اللاعب مع فريقه والمنتخب، وهذه المعادلة تسجل للمدرب الذي زرع الثقة في عناصره ومسح صورة الاحتياطي في الفريق والأساسي في المنتخب بصورة إيجابية. الفوز على العراق خطوة مهمة خطاها الأخضر السعودي نحو مونديال روسيا 2018 ليؤكد استعادة هيبته على المستوى القاري والعالمي، والتي كان ينشدها الجميع منذ العام 2006م.