يواصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- زياراته الميمونة لعدد من دول «الآسيان» حيث يتوقف عند المحطة الخامسة بزيارته الصين، فبعد توقيع عدة اتفاقيات ومذكرات تعاون مع اليابان يدشن بتوقفه في بكين ملامح علاقات وطيدة مع جمهورية الصين الشعبية، وتتسم الزيارة بالرغبة الملحة من المملكة لدعم التعاون في كافة المجالات الحيوية مع الصين لاسيما في الجوانب الاقتصادية تحديدًا. وغني عن القول إن العلاقات السعودية / الصينية تزداد عمقًا بمرور الوقت، حيث يمثل التبادل التجاري بين البلدين الصديقين نقطة حيوية وهامة، كما أن المملكة تولي أهمية خاصة لدعم علاقاتها الاقتصادية مع الصين فمن شأن الشراكات القائمة بين البلدين دعم رؤية المملكة الطموح 2030 في عدة قنوات اقتصادية وصناعية، وهو دعم تسعى من ورائه المملكة لتوطين سلسلة من الأنشطة الصناعية فيها واقامة اقتصاد جديد يعتمد في أساسياته على تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد. من جانب آخر فان التحرك الجديد للمملكة نحو الولاياتالمتحدة وفقا للزيارة التي يقوم بها سمو ولي ولي العهد لواشنطن تحمل عدة دلالات هامة يقف على رأسها تأكيد قوة العلاقة المتينة بين الرياض وواشنطن، وتفعيل الشراكة الاستراتيجية القائمة بين البلدين الصديقين تعزيزا لمجالات التعاون بينهما في العديد من المجالات والميادين لاسيما الاقتصادية والصناعية منها بما تعود آثاره الايجابية على البلدين بخيرات ومنافع واسعة. ولاشك أن المملكة والولاياتالمتحدة تسعيان لتعزيز كافة الجهود المبذولة لمكافحة ظاهرة الارهاب أينما وجدت، وثمة نقلة نوعية حدثت في أعقاب المحادثات التي أجراها سموه مع الرئيس الأمريكي تدل دلالة واضحة على دعم الشراكة الاستراتيجية لمكافحة تلك الظاهرة، فقد عانت المملكة والولاياتالمتحدة الأمرين من ويلات الارهاب كما هو الحال مع الكثير من الأمصار والأقطار في شرق المعمورة وغربها. وتتفق الرؤى السعودية والأمريكية من جانب آخر حول الملف الايراني، فموقف المملكة ثابت تجاه رفضها المعلن للسلوك الايراني المشين في المنطقة من خلال تدخلها السافر في شؤون دولها، وهو موقف متجانس مع الموقف الأمريكي الرافض للتدخل، كما أن البلدين ملتزمان بدعم البحرين ومصر والسودان في مواجهتها للارهاب، والبلدان من هذا المنطلق يؤيدان كافة المساعي الدولية الرامية للاجهاز على الإرهاب ودحره واجتثاثه من جذوره. وازاء هذه التحركات السعودية فان المملكة تسعى لتعميق علاقاتها الاستراتيجية سواء مع دول «الآسيان» وفقا لما تسفر عنه زيارة خادم الحرمين الشريفين الحالية من مردودات ايجابية أو من خلال الزيارة التي يقوم بها سمو ولي ولي العهد إلى الولاياتالمتحدة حيث تشهد العلاقات بين الرياض وواشنطن نقلة تاريخية هامة وتجذيرا لصلات وطيدة قائمة منذ عهد بعيد بين المملكة وواشنطن.